مشاهدة النسخة كاملة : مرثيتي فيكي


محمد خير
04-05-2006, 01:08 PM
** مرثيتي فيكِ **
**** *************

سيأتي الخريف وستتساقط الأوراق وعلى مفارق الطرقات .. سوف تتكدس بقايا فصول السنة ..... فوق ذلك الجسر وتحته وفي صحن الجامع الكبير وفي زقاق المدينة العتيقة .. في هذه الحدائق الغناء وتحت أشجار السرو والصنوبر وتحت نفحات ياسمين دمشق ...... على ضفاف النهر العجوز المنهك من قسوة الأوباش عليه ومن فضلات الكره والغدر والخيانة ... على الطريق السريعة المؤدية إلى الجامعة وعلى مقاعد الدراسة وأمام أنظار الزملاء والزميلات ورغم أنوفهم ......
الخريف سوف يحل بعد هذا الصيف اللاهب وسوف يشهد سقوط أوراقه على فجيعتي فيك ، يا قدراً .. لا أعاني شهده بقدر ما أعاني قسوته ، يا رمزاً لشعور خالص لا حدود لامتداده .........
سيأتي خريف دمشق ليبدل لهيب الصيف لهيباً من نوع آخر ... هو لهيب فراقي لك وابتعادي عن عينيك .. عن وجنتيك ِ عن ابتسام شفتيكِ وتورد خديكِ .. عن زهر الياسمين المزروع في وجنتيك عن صفاء الروح .. عن حب لا يذبل عن عطاء لا ينتهي ..... سيأتي الخريف .. ليكون شاهداً على انتهاء عمري بانتهائكِ منه .. ليكون شاهداً على توقف لحظات الزمن لأنك أنت كنت يوماً كل تلك اللحظات .......
سيأتي الخريف ... وسيكون هذه السنة قاسياً بارداً معتماً ... لن يكون للأوراق الذابلة معنى .. ولا للأشجار العارية معنىً ولا للطرقات المفروشة بورق تلك الأشجار معنى .. لن يكون لنسمات الخريف وأمطاره معنى ... فكل تلك المعاني ستتوقف عند عتباتك ... وتلك الأحاسيس ستهاجر معك إلى حيث تقطنين .. إلى حيث تنظرين بعينيك ... إلى حيث ترتوين منها .. على أنها ستكون آخر عهدي بك .. أيتها المرأة الكبيرة في حياتي والتي كنت وما تزالين قطعة صامدة مزروعة في جسدي ..
سيأتي الخريف ولن يأتي .. ولسوف يغادرني هذا العام دون أن أخلده كما أفعل كل عام بقصيدة أو قصة أو حتى كلمات وترانيم ... سوف يغادرني هكذا مسرعاً ليحل الشتاء محله .. بارداً جافاً .. أمطاره بلا معنى ... برده وريحه بلا معنى ... وسوف لن أكتب له كذلك فهو كذلك ... قاسياً شديد القسوة ....
يا إلهي .. كيف لي أن أستقبل المطر دون أن أشعر بها وهي تتراقص على أنغامه وكيف سأستقي منه دون أن يكون من نفس المنهل التي تستقي هي منه .... هل أصمت إذاً هل أقطع لساني وأمزق أوراقي وأكسر أقلامي .. ... هل أنتحر بصمت حتى لا تؤذي رائحة جثتي جيراني وأحبائي ... هل أسافر إلى حيث لا أزعج بنحيبي إنساً ولا جان ...... أم أذهب إلى جبل عال وأتعبد فيه خالقي ... بعد أن يعافني أهل الدنيا وأعافهم .... ولكن لا ... لا بد أن أكتب .. سأكتب مرثية للذكرى تقف صامدة شاهدة على كل دمعة أهرقتها فيكِ ... على كل زفرة زفرتها لأجلك .. على كل لحظة لحقت فيها ريحكِ أشمها في كل مكان .. في كل زاوية .. في كل مفرق طرق ...
سأكتبها للذكرى شاهدة على هذا الحب .. الحب الخالد فيكِ .. أنت يا عمري .......
وسيذهب الشتاء .. ويأتي الربيع .. وهذا لوحده سر هائل من أسرار انغماسي فيك ... هذا الذي شهد مصرعي فيكِ .. هذا الذي شهد لأول مرة وقوع قلبي فيكِ .. يا رائعتي .. وهل من مجال للحديث عن الربيع ومطر الربيع وعن تلك اللحظات السحر التي أنفقتها وأنا أتفنن في حبك .. في الاشتياق إليك .. في تصوير عينيكِ صوتك .. رائحتكِ .. كل شيء فيكِ .. سيأتي الربيع وأنت رمزاً من رموزه .. بل أنت الربيع كله وبدونك سيغدو هباءاً ... لأنه هجرني سأهجره وأقاطعه وسوف لن أفرح بأمطاره وأزهاره .. وسوف لن آبه بالنسمات العليلة التي تصبغ نهاراته ولياليه ... بعيداً عنك سأبقى في صومعتي أصنع من تلك اللحظات الساحرة عناوين أصوغ بها لحظات الفراق .......................
أيها النهر .. أيها الجبل .. أيتها الأشجار .. أيتها الورود .. أيتها العصافير .. أيتها الطرقات ... يا دمشق .. ألا تشهدون جميعاً أنني عشقتها وأنها كانت في روحي وكياني مغروسة متمكنة ... رمزاً للطهر والنقاء .. وأنتم الشاهدون على تلك اللحظات .... .. خبريني دمشق فقد فتنتني هذه الفتاة بقدر ما فتنتني أنتِ وأكثر ... خبريني كيف أشفى منها وأنا لم ولن أشفى منكِ .....
ولكن كيف خبريني كيف .. كيف تطلبي مني أن أكرهك وأنت فيَّ كما هي الشام ... هل أكره الشام .. هل أكره وطني وأرضي .. عندها فقط سأكرهك ... ذكرت لك مرة .. أنني ربما ما كنت أحببتك بمثل هذا لولا حبي للشام .... إذاً لا تحاولين ... أنت فيَّ لا يمكن أن تكوني إلا كما هي الشام .. فابقي عند هذه الحدود لا تغادريها .. ... فذكراكِ فيَّ لا يمكن أن تذبل .. لأنني أحببتك بكل ما يمكن للعقل أن يحب .. وكنت أبعد الناس عن الجنون ...........................
سأزور الطرق التي سلكتِها ....
سأجلس في صحن ذلك المسجد .. وتحت تلك الأشجار وسأقف على أطلال المدينة العتيقة ... ولسوف أذكرك ما حييت .. وإنكِ في لا تنتهي أبداً .. كائنة مستمرة لا حدود لك ......................
أشواقاً لم يعد لها في القلب متسعا
أرسلها إلى التي ملأت البصر والسمعا
وطرحتني عليل القلب .. ملتذعا
******************************** محمد *****

$الممـــــــيز$
04-05-2006, 09:32 PM
سأزور الطرق التي سلكتِها ....
سأجلس في صحن ذلك المسجد .. وتحت تلك الأشجار وسأقف على أطلال المدينة العتيقة ... ولسوف أذكرك ما حييت .. وإنكِ في لا تنتهي أبداً .. كائنة مستمرة لا حدود لك ......................
أشواقاً لم يعد لها في القلب متسعا
أرسلها إلى التي ملأت البصر والسمعا
وطرحتني عليل القلب .. ملتذعا

يعطيك العافية اخوي على الخاطرهـ

اخووك //المميز

فارس الحسناء
04-05-2006, 10:11 PM
مشكووووووووور على الخاطرة الجميلة

محمد خير
04-05-2006, 10:21 PM
يعني المميز وفارس الحسناء
ما بقدر قول غير الله يعطيكون العافية اللي عم تتحملوني وتقرولي
وتعليقاتكم خجلتني .. شكراً كتير كتير

..

محمد