مشاهدة النسخة كاملة : قصة قصيرة .. قصيرة جداً


محمد خير
04-05-2006, 01:04 PM
قصة قصيرة ............ " قصيرة جداً "
**************************

......... ... .. .. رفع كفه ونظر فيها فلم ير شيئاً .. أنزلها بسرعة .. ثم نظر أمامه .. تابع طريقه في هدوء ، كانت بعض الغيوم المتفرقة هنا وهناك بدأت بالتجمع ......... .. - انتهت القصة ..
- - ماذا .. ؟؟ انتهت .. ... !!
- نعم ... انتهت .
لحظة صمت .. .... اعتدلت في جلستها .. أسندت ظهرها إلى الكنبة .. كتفت يداها وزمت شفاهها ثم كررت .... : انتهت القصة .
- ماذا .. ألم تعجبك .. ؟
- - بلى .. ولكنها قصيرة .. قصة قصيرة .. ثم أنها لم تنته كبقية القصص بفرح أو حزن .
- ولكنها أعجبتك ... ؟
سكتت هنا للحظات .. غيرت جلستها .. وأمسكت بخصلات شعرها وكررت .. قصة قصيرة .. قصيرة جداً
لحظة صمت جديدة .. .... حاولت هي كسرها هذه المرة بأصوات من فمها .. وفرقعات في أصابعها
- اسمك .. مريم .. ؟
- - مريم . نعم .
- أحب جداً هذا الاسم .
- - حقاً ... حسنا .. تنهدات خفيفة ثم مرة أخرى .. لا أعرف .. أجده عادياً
- على العكس ، اسم جميل ولفظه كذلك .. جميل على اللسان .
- - هل ستتأخر ... ؟؟
- أمك .. ؟؟
- - نعم .... أمي .
- ربما .. قليلاً .

لحظة صمت جديدة .. طويلة هذه المرة ..
- - أليس لديك قصة .. طويلة ..
بقيت صامتا للحظات .. الضجر هنا كان قد وصل إلى مرحلة متقدمة

- أين أبوك ... ؟
- - في البداية أخبروني أنه سافر سفراً طويلاً ثم أخبروني أنه لن يعود .. عرفت فيما بعد عن طريق برامج الأطفال أن الأب الذي لا يعود .. هو بمعنى آخر ميت .. .......
كنت أصغي إلى هذه الكلمات والدهشة تملؤني .. لم أنتبه إلى نفسي .. كنت أحدق في عينيها باستغراب .. كانت ما تزال على جلستها .. تداعب بأطراف أصابعها خصلات من شعرها الأسود المسترسل ... لم أجد نفسي عندها إلا وقد مددت يدي ووضعتها خلف ظهرها وقربتها إلي ثم ضممتها بشدة
بقيت هكذا للحظات .. ومريم كانت ما تزال على وضعيتها ممسكة بخصلات من شعرها .. أزلت يدي عنها بعد لحظات وعادت هي إلى وضعيتها الأولى :

- عمرك هو ست سنين .. ؟
- - ست سنين .. نعم .
- إذا هناك توافق ما بيننا .

صمت

- حسنا .. أنا عمري 26 سنة .. ألا ترين .. يوجد توافق .
- - كيف .. لم أفهم ؟!
- حسناً ..... أنت عمرك ست سنين .. تأخذين سنتان من عمري وتضميها إلى عمرك .. فيصبح عمرك ثمانية سنوات وأنا 24 سنة .. أترين .. عندها تضربين الرقم ثمانية بالرقم ثلاثة فيصبح 24 .. ثم تأخذين هذا الرقم وتنقصين منه ست سنوات .. مقدار عمرك الحالي .. فيصبح 18 .. تضيفين عندها إلى هذا الرقم .. الرقم ثمانية .. وهو عمرك بعد إضافة سنتين .. فيصبح 26 .. وهو عمري الآن .. أترين الآن .. هناك توافق ما ...

- - لم أفهم شيئاً .. ولكن إن كانت قصة جديدة .. لا بأس سأسمعها .
لحظة صمت جديدة ..
- - عمرك هو 26 إذاً .
- بالضبط .
- - متزوج .
- لا ...
- - هل تعرف نساءاً ... .. غير والدتي .. ؟
- نعم .. الكثير منهن .
- - ولم إذاً ؟ لم لم تتزوج .. ؟
- لم أجدها بعد ..
لحظة صمت جديدة ... تنهدت بعدها واعتدلت في جلستها .. وكمن يحدث نفسه .. وبصوت خافت .. ولكن مسموع قالت ..
- - لقد أخبرتني أمي على الهاتف أنك تجيد الكتابة .. وأنك تكتب الشعر .. ولكنها لم تخبرني أنك لا تحفظ قصصاً طويلة .
عادت لحظة الصمت من جديد .. أعدت خلالها .. شريط ذاكرة قريب ...
كنت جالساً هذا المساء في المكتب ... حين دخلت علي السيدة سمية مسرعة .. وهي مرتبكة .. ألقت التحية بسرعة ثم غرقت في ملفات وأوراق عديدة ..
حين حان وقت خروجي .. اقتربت منها وسألتها إن كانت بحاجة لمساعدة .. ولكنها هزت برأسها .. وقالت : لا شكراً ... بعد برهة قصيرة .. كنت أهم بالخروج .. عندما رفعت رأسها بسرعة .. وقالت : في الواقع قد تساعدني في أمر ما
- تفضلي سيدة سمية .. اقتربت مني .. وضمت يدها إلى صدرها وبسرعة .. تابعت حديثها : ابنتي .. مريم .. في المنزل وحيدة وأنا مضطرة للتأخر في المكتب هذا المساء من أجل تجهيز اضبارة الجمعية .. وهناك أمور أخرى علي أن أنهيها قبل اجتماع الغد .. سأكون ممتنة لك كثيراً .. إنها طفلة مميزة وذكية .. ولن تتعبك .. ولكني خائفة عليها .....
لم أتردد في القبول وأخبرتها أن الجلوس مع طفلة ذكية ولطيفة أفضل مبدئياً من النوم على إيقاع حفريات البلدية التي تعمل ليلاً نهاراً في الشارع المجاور للحارة التي أقطن فيها ..
شكرتني السيدة سمية .. وأخبرتني بأنها ستهاتف ابنتها لتخبرها بقدومي ومكوثي بعض الوقت عندها .


كان شريط الذاكرة ما يزال مستمراً لولا أنها ضربت بيدها بقسوة على يدي وطلبت مني مجدداً أن أسرد لها قصة جديدة
نظرت في عينيها مباشرة .. ورأيت لمعانا هائلاً ..
- مريم .. هل تحبين سماع قصة عن الوطن ..
- - أي شيء .. المهم قصة .
- مريم .... .. كانت هناك وردة حمراء على طرف من أطراف ذلك الوادي .. كبيرة الحجم .. كبيرة العطاء .. مزهرة في كل أوقات السنة .. عطرها يفوح في الأجواء .. كانت رمزاً للحياة والتجدد .. مستقرة هادئة في مكانها .. أسفل الجبل يفوح عطرها في الأجواء .. وعسلها لا ينضب .. تنهل منها كل أسراب النحل التي تزور المكان .... .. ، غير أنه حدث يوماً .. أن هاجمها سرب من الدبابير المتوحشة .. أتوا من فوق .. من الجبل ... ، فنكلوا بها يا مريم .. نكلوا بها وقطعوا أوصالها .... .. ، الوردة ما تزال يا مريم .. ما زالت باقية .. أذلوها وأهانوها .. ونكلوا بها .. ولكنها في مكانها لا تزال .. ثابتة مستقرة .. تنتظر ذهابهم ورحيلهم عنها .. حتى تعود من جديد مزهرة معطاءة .. وتعود الحياة من حولها .. الوردة هذه يا مريم .. ....... هي دمشق .......
سكت هنا .. اجتاحتني غصة في حلقي .. دمعة توقفت على باب عيني .. ، رجفان هائل سيطر على أوصالي ..
أحست مريم الصغيرة بهذا الرجفان .. اقتربت وأمسكت بيدي
وضعت رأسها في حضني .. ويداها ممسكتان بيدي ما تزالان ..
- - قصتك جميلة ... قصيرة جداً ... ... لكن جميلة ................... .

***************************************
*** محمد ***
.................................................. ........................................ في الاثنين 13/03/2006

$الممـــــــيز$
04-05-2006, 09:38 PM
يسلمــو اخوي

على القصة الرائعة

اخوووك//المميز

فارس الحسناء
04-05-2006, 10:14 PM
يسلموووووووووووووووووو

محمد خير
04-05-2006, 10:19 PM
أشكركما
فارس الحسناء
والمميز
مروركم يخجلني
شكرا جزيلاً

..

محمد

الهلالي
04-20-2006, 11:56 PM
كل ذي وقصيره


أجل وش باقي للكبيرة

ابوخالد111
04-21-2006, 02:47 AM
مشكور اخوي محمد

استمر على المشاركة