مشاهدة النسخة كاملة : التقوى وسبل التحلي بها


ضمني على صدرك
02-11-2005, 02:51 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في هذا البحث نتعرض لمجموعة من الأمور أولها ما هي التقوى، وما أهميتها وسبل التحلي بها فنقول مستعينين بالله العلي العظيم الرحمن الرحيم.

التقوى:

هي الملكة الحاصلة للإنسان تجعله ورعاً ويصبح مجتنباً عن المعاصي ومحارم الله وهي تحصل للإنسان من عدة طرق سوف نتطرق إليها في هذا البحث إن شاء الله تعالى.

أهمية التقوى:

أكدت الآيات القرآنية المباركة وأحاديث أئمة أهل بيت العصمة عليهم آلاف التحية والسلام على أهمية التقوى وعدت اللبنة الأولى لوصول الإنسان إلى الكمالات والرقي والعروج إلى الله تبارك وتعالى فقد جعل الله تبارك وتعالى التقوى هي الميزان في قرب الإنسان منه تبارك وتعالى فقال: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) (الحجرات:13)، وجعل التقوى هي السبيل لمعرفة الحق في لوابس الأحداث والفتن وظلمات الأوهام فقال عزَّ وجلّ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (الأنفال:29) ثم أناطها بالتخلص من مغريات الشيطان والوسواس وجعلها مناطاً للأمن من شرور العالم فقال تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) (الطلاق:2)، وأيضاً فان الرزق الإلهي المعنوي عن طريق التقوى فقال عزَّ اسمه: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) (الطلاق:2 و3)، وأخيراً فان نيل المحبة الإلهية وحسن العاقبة بواسطتها فقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) (التوبة:7)، (وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (القصص:83)، وأيضاً إذا اراد أن تكون أعماله مثمرة نافعة ومقبولة عند الله تعالى فان ذلك ينال بالتقوى: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (المائدة:27).

إذن منابع الخير وأساس كل سعادة في الدنيا والآخرة هي التقوى والورع عن محارم الله لذلك يوصي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) واهل بيته (عليهم الصلاة والسلام) باجتناب المعاصي أشد وآكد من تحصيل الحسنات قال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يوصي أبا ذر (رحمه الله): (يا أبا ذر كن بالتقوى أشد اهتماماً منك بالعمل) ، وأيضاً فهذا أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: (اجتناب السيئات أولى من اكتساب الحسنات) فكثرة العمل بدون تقوى وبدون ورع ما هو إلاّ حركات عفوية يقوم بها الإنسان فعن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (إنكم لو صليتم حتى تكونوا كالحنايا، وصمتم حتى تكونوا بالأوتار، ما ينفعكم ذلك إلاّ بورع) . فمثله مثل الذي ينقض غزله من بعد ما تعب في تحصيله.

سبيل تحصيل التقوى:

إن هذه المنزلة العظيمة لو استحال على عامة الناس الاتصاف بها لما جازى الله تعالى بها ولما أثاب عليها ووعد أهلها بالخير الكثير وقد نتسائل ونقول هل من الممكن التحلي بهذه الصفة؟ وكيف؟ فإنّي كلما قررت أن أكون من المتقين وأتجنب الذنوب والتورع عن محارم الله تعالى فقد انجح بيوم أو يومين ولكن أعجز عن متابعة هذه المسألة لمدة أطول فأرجع إلى المعاصي.

ويجيب علماء الأخلاق على ذلك إن لكل شيء سبباً والله تبارك وتعالى جعل الأمور بأسبابها فإذا عرفنا العلّة أو السبب لكي نتجنب عن الذنوب حصلنا على هذه الملكة وإذا حصلنا على أسباب الذنوب واجتنبنا عنها حصلت لنا التقوى فيجب أن نعرف السبب المؤدي بالإنسان إلى ارتكاب الذنوب وقد أحصى البعض عدة عوامل مؤثرة في ذلك على نحو جزء العلة أو العلة التامة يعني قد تكون كلها مجتمعة تسبب ارتكاب المعاصي وقد يكون كل منها سبباً لارتكاب المعاصي وهي:

1 ـ فقدان أو ضعف الإيمان بالمبدأ والمعاد وتبعات وآثار الأعمال.

2 ـ الغفلة.

3 ـ ضعف الإرادة أمام فوران الغرائز والشهوات.

أما الأولى: (فقدان أو ضعف الإيمان بالمبدأ والمعاد وتبعات وآثار الأعمال):

فان بعض الناس يرتكبون الآثام لأنهم ليس لديهم إيمان بالله تبارك وتعالى أو لأن إيمانهم ضعيف فرغم تشهدهم الشهادتين نجد قلوبهم خالية من أي أثر من آثار الإيمان به تبارك وتعالى فتجد هذا الإنسان ضعيفاً أمام الشهوات الدنيوية فيعمل ما يمليه عليه جسده وشهوته من الانغماس في الاستجابة للشهوات الحيوانية.

وطريقة علاج هذه الطائفة بواسطة تسلحه بالعقائد السليمة على إثبات مسبب الوجود لهذا العالم والاعتقاد ان هناك منتهى ومعاد ويجازى المحسنون والمسيئون ويكون هذا الاعتقاد رادعاً له عن أي عمل يؤثر سلباً على آخرته فيجتنب المعاصي.

وأما الثانية: (الغفلة):

فانه وإن كانت لديه عقائد جيدة ويعتقد بالله تبارك وتعالى وبالجنة والنار وغير ذلك إلاّ أنه يرتكب المعاصي لا إرادياً وبغفلة عن طريق انشغالهم في مشاكلهم اليومية وشؤون حياتهم مما يؤدي إلى وقوعهم في الغفلة عن ذكر الله والمعاد و... ولذا لا يفكرون سوى بأمور دنياهم وحاجتهم العاجلة وطريقة العلاج هنا هي المراقبة الذي هو مفتاح السعادة والركن الأساسي للوصول إلى الله تبارك وتعالى فيحاسب نفسه كل يوم وليلة قبل أن ينام مثلاً ثم يبدأ بذكر النتائج التي حصل عليها لكي يحالفه التوفيق ومعونة الله تعالى لكي يبتعد عن المعاصي والذنوب فمن راقب نفسه خاف الله كأنه يراه.

فروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) في قوله لاسحاق بن عمار: (يا اسحاق خف الله كأنك تراه وإن كنت لا تراه فإنه يراك فإن كنت ترى أنه لا يراك فقد كفرت, وإن كنت تعلم أنه يراك ثم برزت له بالمعصية فقد جعلته من أهون الناظرين عليك) .

وأما الثالثة: (ضعف الإرادة أمام فوران الغرائز والشهوات):

فان ما يوقعهم في أسر المعاصي ليس هو ضعف الإيمان أو الغفلة بل هم معتقدون بالله تبارك وتعالى ويعتقدون بالجنة والنار والحساب والعقاب ومنتبهون إلى هذه العقائد لكنهم عجزوا عن كبح جماح الأهواء والشهوات النفسانية عند تعارضها مع الأوامر الدينية ويسقطون في المعاصي.

أما علاج هذه الطائفة فيكون ـ إذا كان صادقاً يريد الوصول إلى التقوى ـ بتقوية إرادته الضعيفة من خلال الالتزام ببعض الأمور ومن أهم هذه الأمور هي الصوم فانه له الأثر العجيب بتقوية الإرادة والحصول على التقوى بشروطها الصحيحة. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:183).

فان الصوم فيه سر عجيب وأمر عظيم لذلك نرى أن الله سبحانه وتعالى كلف عباده به ليروضهم ويرجعهم إلى طريق الصواب فكما للتدريبات العسكرية أو تدريب الرياضيين قبل السباق اثر كبير في المسابقة وفي تطوير قواهم الجسمية فكذلك الصوم الذي هو الرياضة الكبرى للسيطرة على النفس فانه كما ان المقاتلين الذين يتدربون على قتال افتراضي ويتعلمون كيف يكون ردهم فان ذلك يفيدهم في قتالهم الحقيقي فكذا الصوم فانه عندما يأمرك الله تبارك وتعالى بالامتناع عن النساء وعن الأكل والشرب وعن الغيبة وعن ... فإذا حصلت لك القدرة على مواجهة كل هذه الأمور أثناء الصوم لتكون كذلك خارج هذا الوقت فتستطيع الابتعاد عن شرب ما حرم الله وأكل المشتبه به والاجتناب عن النظرة المحرمة والاجتناب عن آفات اللسان لذا نجد أن الصوم هي نعمة من الله تبارك وتعالى يمن بها علينا لأجل أن يوصلنا إلى تمام الخير والسعادة في الدنيا والآخرة.

لذا يجب علينا أن نقدر حرمة هذا الشهر وما فيه من الرحمة النازلة وخصوصاً عند مراجعة خطبة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيه حيث نرى أن أبواب جهنم في هذا الشهر مغلقة وأبواب الجنان مفتحة والشياطين مكبلة، والملائكة نازلة وتستغفر للمؤمنين ولا ننسى الأيام التي عظمها الله تعالى وجعلها خيراً من ألف شهر، والملائكة تتنزل فيها على مولانا ومقتدانا الحجة بن الحسن أرواحنا لتراب مقدمه الفداء فندعو له بقلوب خاشعة لتعجيل فرجه الشريف وتسهيل مخرجه وجعلنا الله من أنصاره وأعوانه والطالبين بثأره إنه هو السميع العليم وصلى الله على محمد وآل محمد.

.

.

.


1 ـ بحار الأنوار: ج 74 ص 86.

2 ـ غرر الحكم.

3 ـ البحار: 74 ص 87.

4 ـ الكافي: ج 2 ص 55.

RiRi
02-11-2005, 10:56 PM
ضمني على صدرك


جزاك الله خير الجزاء
وبارك فيك ونفع بك ونور قلبك بنور الايمان
وعطر روحك ولسانك بذكر الرحمن




لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.

ضمني على صدرك
02-13-2005, 01:38 AM
RiRi

اختي العزيزة ,, دائما وجودك يسعدني

جعل الله جزاء الخير لي ولكم ولكافة المسليمن والمسلمات

لاعدمناكي

,,,

,,

,

نـــغـــم
02-21-2005, 11:45 PM
جزاكِ الله خير ورحمه وهدى ونور على قلبكِ غاليتي

وجعله في ميزان حسناتكِ

وسلمت اناملكِ على هذه المشاركة

دمتي بكل خير ورحمه من الله

ضمني على صدرك
02-27-2005, 11:43 PM
نـــغـــم

اختي العزيزة ,, دائما وجودك يسعدني

جعل الله جزاء الخير لي ولكم ولكافة المسليمن والمسلمات

لاعدمناكي

,,,

,,

,