مشاهدة النسخة كاملة : الومضات


RiRi
11-05-2004, 08:40 PM
الومضة رقم 1: أوثق عرى الإيمان

إن من أوثق عرى الإيمان هو ( الحـبّ ) الذي تبتـني عليه هذه العلاقة المقدسة بين العبد وربه ..ولا ينقدح هذا الحب في القلب إلا بعد انحسار جميع ( الحجب ) في النفس ، ولا تمنح هذه الجوهرة - التي لا أغلي منها في عالم الوجود - إلا للنفوس التي أحرزت أعلى درجات القابلية لتلقّي هذه الجوهرة النفيسة ..وإن هذا الحب بعد اكتمال مقدماته ، يستشعره القلب بين الفترة والفترة ، فيكون بمثابة النور الذي كلما أضاء للإنسان مشى في الطريق ..ويستمر العبد في سيره التكاملي - بمعونة الحق - إلى أن يستوعب ذلك الحب جميع ( أركان ) القلب ، فلا حب إلا لله أو لمن له فيه نصيب ..ولو أمضى العبد كل حياته - بالمجاهدة المضنية - ليمتلك هذه الجوهرة قبيل رحيله من الدنيا ، لكان ممن ختم حياته بالسعادة العظمى ، ولاستقبل المولى بثمرة الوجود ، وهدف الخلقة ، أولئك الأقلون عددا ، الأعظمون أجرا ، لا ينصب لهم ديوان ولا كتاب.



لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.




الومضة رقم 2: التألُّم من الإدبار

إن التألم الشديد من ( مرارة ) البعد عن الحق ، وعدم استشعار لذة المواجهة في الصلاة وغيرها ، ومواصلة تقديم الشكوى من هذه الحالة للحق الودود ، والتحرز من موجبات إعراض الحق المتعال ، مما قد يوجب ( ارتفاع ) هذه المرارة أو تخفيفها ..وكلما طالت هذه الفترة من الادبار والتألم ، كلما كانت ثمرة الإقبال أجنى وأشهى ..فالمؤمن اللبيب لا ييأس لما هو فيه من الإدبار ، وإن كانت هذه الحالة - في حد نفسها - مرضا يخشى مع استمرارها موت القلب ..ولطالما اتفق أن أثمر هذا الادبار المتواصل إقبالا ( شديداً ) راسخا في القلب ، بعد سعي العبد في رفع موجباته التي هو أدرى بها من غيره.



لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 3: النظرة إلى الخلق

لو اعتقد العبد اعتقادا راسخا أن الخلق ( عيال ) الله تعالى - ومنهم أهله وعياله - لانقلبت لديه موازين التعامل معهم رأسا على عقب ، فيمتلك بذلك قدرة ( مضاعفة ) على تحمّل الأذى منهم ، لعلمه أن ذلك كله بعين المولى تعالى الذي يرعى عياله بعد خلقه لهم ..بل يزداد ( حـبّه ) ورأفته لهم ، زائدا عن مقتضى العلاقة البشرية المتعارفة بين المخلوقين ..كما ( يبارك ) المولى فيمن يحيط به من عياله ، ويجعلهم قرة عين له كما ذكر القرآن الكريم ، إكراماً لقصده في إكرام من هم عيال الله تعالى ، وأحب الخلق إليه - كما روي - من نفع عيال الله ، أو أدخل على أهل بيت سروراً ..وقد روى عن النبي (ص) أنه قال : { أقربكم مني مجلساً يوم القيامة ، أحسنكم أخلاقاً وخيركم لأهله…وأنا ألطفكم بأهلي }البحار-ج71ص387.




لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.



الومضة رقم 4: سبل تسلط الشيطان

إن من موجبات تسلط الشيطان على العبد أمور منها:
- عدم الرؤية له ولقبيله كما يصرح القرآن الكريم .
- استغلال الضعف البشري إذ { خلق الإنسان ضعيفا }.
- الجهل بمداخله في النفس إذ هو أدرى من بني آدم بذلك .
- الغفلة عن التهيؤ للمواجهة في ساعات المجابهة .
والاعتصام بالمولى الحق رافع لتلك الموجبات ومبطل لها ، فهو ( الذي يرى ) الشيطان ولا يراه الشيطان فيبطل الأول ..وهو ( القوى العزيز ) الذي يرفع الضعف فيبطل الثاني ..وهو ( العليم الخبير ) الذي يرفع الجهل فيبطل الثالث ..وهو ( الحي القيوم ) الذي يرفع الغفلة فيبطل الرابع.



لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.




الومضة رقم 5: تزاحم الخواطر

إن من الملفت حقا تزاحم الخواطر بشكل كثيف حال الصلوات ، مما يكشف عن تكاتف قوى الشر من الشيطان والنفس الأمّارة بالسوء ، في صرف المصلي عن مواجهة المولى جل ذكره ..وليعلم أن ما كان من الخواطر ( غير اختياري ) تقتحم النفس اقتحاما ، فذلك مما لا ( يخشى ) من إفساده ، وذلك كمن يصلي في السوق ويمر عليه في كل لحظة من يحرم النظر إليه ..فالموجب للإفساد هو متابعة الصور الذهنية الفاسدة ( بالاختيار ) ..ولطالما أمكن للمصلي قطع هذه الصور التي تصد عن ذكر الحق - ولو في أبعاض صلاته - ولكن يهمل أمرها طوعا ، فتكون صلاته ساحة لكل فكر وهمّ ، إلا محادثة المولى عز وجل ..ولهذا يصفه الحديث قائلا: { وإن منها لما تلف كما يلف الثوب الخَلِق ، فيضرب بها وجه صاحبها }البحارج84ص316.



لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 6: واقع القرآن الكريم

إن مما يقطع به المتأمل هو أن واقع القرآن الكريم ، ليس ما نجريه على ألسنتنا طلبا لأجر التلاوة فحسب ، وان كانت ظواهر الألفاظ - في مقام الامتثال - حجة على صاحبها ..وذلك لأن المعاني التي أنزلهـا المولى على قلب نبيه (ص) بحقائقها ( الملكوتية ) ، لم يدركها إلا من خوطب بها وهم النبي وآله (عليهم السلام) ..وعليه فان استيعاب هذه المعاني - التي توجب تصدع الجبال لو أنزلت عليها - يحتاج إلى استمداد من الحق ، لتتحقق ( المسانخة ) التي تؤهل القلب لتلقّي مرتبة من تلك المعاني السامية ، وهي مرحلة ( انفتاح ) الأقفال التي يشير إليها القرآن الكريم ..ومن مقدمات هذا الانفتاح: التلاوة الكثيرة ، والتدبر العميق ، والعمل بالمضامين مهما أمكن.



لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.




الومضة رقم 7: جهاز الإرادة

إن الذي يوجّه الإنسان في ساحة الحياة ، هو ذلك الجهاز الذي ( تنبثق ) منه الإرادة ، و هذه الإرادة هي التي ( تصدر ) أوامرها لعضلات البدن ، فيتحرك نحو المراد خيرا كان أو شراً ..وليس من المهم أن نعلم - بعد ذلك - موقع هذا الجهاز أو آلـيّة عمله ..وليعلم أن للشياطين همها في الاستيلاء على هذا الجهاز المريد ، إذ كما أن الاستيلاء على المملكة يتوقف على التحكم في قصر السلطان بما فيه ، كذلك فإن جنود الشيطان تسعى لاحتلال مركز ( الإدارة والإرادة ) في مملكة الإنسان ، وذلك بالتآمر مع جنود الهوى في النفس ..ولكنه بالمقابل فإن جنود الرحمن أيضا تسعى لحكومة النفس ، مستعينة بدواعي العقل و الفطرة والهدى ..والمسيطر - في النهاية - على ذلك المركز الخطير في الوجود ، هو الذي يتحكم أخيرا في حركات العبد وسكناته ، وقد عبّـر الإمام الصادق (ع) عن ذلك الجهاز المسيطر بقوله: { به يعقل ويفقه ويفهم ، وهو أمير بدنه الذي لا يرد الجوارح ولا يصدر إلاّ عن رأيه وأمره }..فالمشتغل بتهذيب الظاهر مع إهمال الباطن ، كمن يريد إدارة الحكم و شؤون القصر بيد غيره ..وقد ورد عن أمير المؤمنين (ع) ما يصور هذه المعركة الكبرى القائمة بين هذين المعسكرين في عالم الوجود ، وذلك بقوله في دعاء الصباح: { وإن خذلني نصرك عند محاربة النفس والشيطان ، فقد وكلني خذلانك إلى حيث النصب والحرمان }.



لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.



الومضة رقم 8: تجليات التوجه للحق

إن التوجه إلى الحق سبحانه يتجلى في صور مختلفة ..فصورة منها تكون مقرونةً ( بالحنين ) شوقاً إلى لقائه ..وثانية مقرونةً ( بالبكاء ) حزناً على ما فرط في سالف أيامه ..وثالثة مقرونة ( بالبهت ) والتحير عند التأمل في عظمته وهيمنته على عالم الوجود ..ورابعة مقرونة ( بالخوف ) من مقام الربوبية ..وخامسة مقرونة ( بالمسكنة ) والرهبة عند ملاحظة افتقار كل ممكن حدوثا وبقاء إلى عنايته الممدة لفيض الوجود ..وسادسة مقرونةً ( بالمراقبة ) المتصلة وذلك للإلتذاذ بالنظر إلى وجهه الكريم ..وعندها تتحد الصور المختلفة للتجلي ، ليحل محلها أرقى صور الطمأنينة والسكون.



لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.



الومضة رقم 9: الحضور فرع الإحضار

إن حضور القلب في الصلاة فرع ( إحضاره ) ، وهو فرع سيطرة الإنسان على القلب بما فيه من هواجس وخواطر ..وهذا الأمر لا يحصل إلا بالرياضة والمجاهدة ، وحبس النفس - فكرا وإرادة وميلا - على ما يقتضه العقل المستسلم لإرادة الحق المتعال ..وليُعلم أن ضبط الخواطر والسيطرة عليها من أصعب الأمور ، لأنها تتوارد على القلب بغير حساب ..وطرد الخاطرة - وخاصة الملحّة منها - عسير بعد تمكنها في القلب ، ولطالما ترسخت الخواطر السيئة وصارت مادة ( لمـيل ) النفس ، ثم ( إرادة ) ما تقتضيه الخاطرة ، ثم ( سوق ) البدن لتحقيق تلك الخاطرة التي وردت على القلب من دون سابق تفكير ..وهذا سبيل من سبل خذلان العبد ، لسوء فعله المستوجب لذلك.



لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.




الومضة رقم 10: شدة التعبير

عندما يتأمل المتأمل في روايات المعصومين (ع) يجد أنهم يتطرقون إلى بعض الأمور بشيء من التأكيد ، يتجلى من خلال شدة التعبير وقوة التمثيل ، لردع أصحابها عن ارتكاب تلك الأمور ..فإننا نلاحظ غفلة معظم الخلق عن حقائق واضحة ، بها قوام سعادتهم في الدنيا والآخرة ، وعليه فإن التذكير بهذه الحقائق الجامعة بين الوضوح والمصيرية في حياة العباد ، يحتاج إلى شيء من العنف والشدّة لتحريك هذا الوجدان ، بما يوجب انقلاباً في النفس يوقظها بعد طول سبات ..ومن هذه الروايات المعبّـرة عن شدة تأذي أولياء الحق من طبيعة علاقة العباد بربهم ، ما ورد عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال : { ما أعرف أحداّ ، إلا وهو أحمق في ما بينه وبين ربه }البحار-ج78ص107.




لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.



للموضوع بقيه

ولــــd
11-06-2004, 02:46 PM
الله يعطيك الف عافيه اخت ريري

والله لا يحرمنا من اناملك الذهبيه

التي تصنع كل الابداع

والله يجزاكي الف خير عن كل الاخوه الاعضاء



مع تقديري واحترامي

lina
11-06-2004, 05:24 PM
" ريري "

ومضات تنير القلب فعلاً وتريح النفس

شكراً لكِ أختي الغالية

على الموضوع الهادف

جعلنا الله واياكم ممن يستمع إلى القول فيتبع أحسنه

سلمتي وسلمت يمناكِ

بوديعة الرحمن لكِ مني أرق السلام

^^ مع خالص حبي واحترامي ^^

lina

RiRi
11-06-2004, 07:14 PM
أخي ولــــd أختي لينـا

شكرا على الرد الطيب بارك الله فيكم واحسن اليكم

و جزاكم الله الف خيرا وجعله في موازين اعمالكم

أتمنى أن تستمرو في متابعه بقيه الموضوع

لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.

RiRi
11-06-2004, 07:23 PM
الومضة رقم 11: ساعات الفراغ

تمر على الإنسان ساعات كثيرة من الفراغ الذي يتخلل النشاط اليومي ، ولو عُدّت هذه الساعات لمثلّت مساحة كبيرة من ساعات عمره ..فالمؤمن الفطن لا بد وان يكون لديه ما يملأ هذا الفراغ: إما بقراءة نافعة ، أو سير هادف في الآفاق ، أو قضاء حاجة لمؤمن مكروب ، أو ترويح للنفس حلال ..وإن من الأمور التي يحرم منها غير المؤمن ، هو العيش في عالم التفكر ( والتدبر ) الذي قد يستغرق ساعات عند أهله ، يناجي المولى فيها بقلبه ، كما قد يشير إليه الحديث الشريف: { وكلّمهم في ذات عقولهم }..فيسيح في تلك الساعة بقلبه ، سياحة تدرك لذتها ولا يوصف كنهها ..وهي سياحة لا تحتاج إلى بذل مال ولا صرف جهد ، ومتيسرة لصاحبها كلما أراد في ليل أو نهار بتيسير من الحق المتعال ..ومن مواطن هذه السياحة المقدسة ( أعقاب ) الصلوات و( جوف ) الليل ، وهي سياحة لا تدرك بالوصف بل تنال بالمعاينة.




لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.




الومضة رقم 12: وجه الرب

لو مال العبد بوجهه عن المولى ، لمال المولى بوجهه عنه ، كما ذكره السجاد (ع) عند ذكره لحقيقة الوقوف بين يدي الجبار ( البحار-ج46ص34 )..فلو استحضر العبد - هذه الحقيقة - في كل مراحل حياته ، لكان ذلك كافيا ( لردعه ) عن كثير من الأمور ، خوفا من الوقوع في جزاء ذلك الشرط وما أثقله من جزاء !..وإذا مال المولى بوجهه عن العبد ، فإن استرجاع التفاتة المولى مرة أخرى يحتاج إلى جهد جهيد ..فالأولى بذي اللب ( ترك ) ما يوجب ميل وجه المولى ، بدلا من ( طلب ) الالتفات بعد الميل ..ويترقى الإنسان في سلم التكامل إلى مرحلة يرى فيها جهدا مرهقا في أن يميل بوجهه إلى غير الحق تبارك وتعالى ، بل يصل الأمر في المعصوم إلى استحالة ذلك ، بما لا يتنافى مع الاختيار المصحح للمدح والجزاء.




لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.



الومضة رقم 13: ميل العبد بوجهه

تكررت عبارة ( وجه الرب ) في نصوص كثيرة ..فالذي لا يستشعر جمال هذا الوجه - ولو في لحظات من حياته - كيف يمكنه ابتغاء ذلك الوجه ؟!..إذ أن الإنسان لا يتوجه نحو جمال مجهول لديه ..ومن هنا صعب قصد القربة ( الواقعية ) الخالصة لغير العارفين بالله تعالى ، إذ كيف يقصد القربة إلى وجه لم يستشعر جماله و لو في أدنى مراتبه ؟!..وشتان بين قَصْد من ( شاهد ) الجمال المطلق ، وبين قصد من ( وطّن ) نفسه على هذا القصد في عالم النية والألفاظ فحسب.




لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.



الومضة رقم 14: لذة الأنس بالحق

إذا مُنح العبد - من قِبَل المولى - ساعة الأنس واللقاء ودرك الجمال المطلق الذي يترشح منه كل جمال في عالم الوجود ، لكان ذلك بمثابة زرع الهوى ( المقدس ) الذي يوجب حنين العبد لتلك الساعة ..ولكان علمه بان تلك الساعة حصيلة استقامة ومراقبة متواصلة قبلها ، ( مدعاة ) له للثبات على طريق الهدى عن رغبة وشوق ، لئلا يسلب لذة الوصال التي تهون دونها جميع لذائد عالم الوجود.



لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.



الومضة رقم 15: لذة مخالفة النفس

إن مخالفة النفس في كثير من المواطن وخاصة في موارد ( التحدي ) الشديد ، تفتح آفاقا واسعة أمام صاحبها لم يكتشفها من قبل ..هذا ( الفتح ) وما يستتبعه من التذاذ بكشف الآفاق الجديدة في نفسه ، مدعاة له لتيسير مخالفة الهوى ، لدرجة يصل العبد إلى مرحلة ( احتراف ) مخالفة النفس ، فلا يجد كثير عناء في ذلك توقعا للثمار ، إذ يصبر أياما قصاراً ، تعقبها راحة طويلة ..شأنه في ذلك شأن أبناء الدنيا في تحمّل بعض المشاق ، وترك بعض اللذائذ الدنيوية طلبا للذة أدوم وأعمق ، كالمتحمل للغربة جمعا للمال ، وكالتارك لبعض هواه تقربا لمن يهواه.




لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.



الومضة رقم 16: القلب السليم

إن إتيان المولى بالقلب السليم ، يعد أمنية الأمنيات وغاية الطاعات ..والذي يميّز القلب وهو مركز ( الميل ) عن الفكر وهو مركز ( الإدراك ) عن الجسد وهو آلة ( التنفيذ ): أن القلب يمثل مركزاً للتفاعل الذي ينقدح منه الانجذاب الشديد نحو ما هو مطلوب ومحبوب ، سواء كان حقا أو باطلا ..فلا الفكر ولا البدن يقاوم - عادة - رغبة القلب فيما تحقق منه الميل الشديد ..ولذا نرى هذا التفاني نحو المراد عند من يشتد ميلهم إليه ، ولا ينفع فيهم شيء من المواعظ والوصايا حتى الصادرة من رب العالمين ..وقد ورد عن الإمام الصادق (ع) في ذيل قوله تعالى {وسقاهم ربهم شرابا طهورا}: ( يطهرهم عن كل شيء سوى الله ..إذ لا طاهر من تدنس بشيء من الأكوان إلا الله ) مجمع البيان-ج 10 ص 623.




لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.



الومضة رقم 17: الجمع بين المقامين

إن مَثَل مَن يشتغل بحوائج الخلق و إرشادهم من دون التفات إلى ( العلاقة ) الخاصة بينه وبين ربه ، كمثل من يعمل في حضرة السلطان من دون التفات إليه ، وان اشتغل بقضاء حوائج عبيد ذلك السلطان ..فان مِثْل هذا العبد قد يكون مأجورا عند مولاه ( لاشتغال جوارحه ) ، إلا أنه محروم من العناية الخاصة المبذولة لذاكريه في كل آن ، وذلك ( لانشغال جوانحه ) ..فإن ما يُعطى في الذكر الدائم ، لا يُعطى في خدمة الخلق حال الذهول عن الحق المتعال ..والجمع بين المقامين يتجلى في قوله تعالى: { ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا }، فهو إطعام للخلق ولكنه لوجه الحق الذي لا يُتوقع معه شكرٌ ولا جزاء.



لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.



الومضة رقم 18: شياطين القلوب

إن الاعتقاد بأن الشياطين ( يحومون ) حول قلوب بني آدم ، وأن له سلطاناً على الذين يتولونهم ، يستلزم ( الحذر ) الشديد أثناء التعامل مع أي فرد - ولو كان صالحا - لاحتمال ( تجلّي ) كيد الشيطان من خلال فعله أو قوله ، ما دام الشيطان يوحي زخرف القول وينـزغ بين العباد كما ذكر القرآن الكريم ، وهذا الحذر من المخلوقين من لوازم انتفاء العصمة عنهم ..ومن ذلك يعلم ضرورة عدم الركون والارتياح التام لأي عبدٍ - وإن بلغ من العلم والعمل ما بلغ - كما يقتضيه الحديث القائل: { إياك أن تنصب رجلا دون الحجة ، فتصدقه في كل ما قال }البحار-ج73ص153.



لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.



الومضة رقم 19: مقام الدعوة إلى الله

إن الدعوة إلى الله تعالى منصب مرتبط بشأن من شؤون الحق المتعال ، ولهذا قال عن نبيه (ص): { وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا }..فمالم يتحقق ( الإذن ) بالدعوة ، لكان الداعي ( متطفلا ) في دعوته ، غير مسدد في عمله ..فالقدرة على التأثير في نفوس الخلق ، هبة من رب العالمين ، ولا يتوقف كثيرا على إتقان القواعد الخطابية ، فضلا عن تكلف بعض المواقف التي يراد منها تحبيب قلوب الخلق ، وقد ورد في الحديث: { تجد الرجل لا يخطئ بلام ولا واو ، خطيبا مصقعاً ، ولقلبه أشد ظلمة من الليل المظلم ، وتجد الرجل لا يستطيع يعبر عما في قلبه بلسانه ، ولقلبه يزهر كما يزهر المصباح }الكافي -ج2ص422..ولهذا عُـبّر عن بعضهم - من ذوي التأثير في القلوب - بأن لكلامه ( قبولاً ) في القلوب.




لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.



الومضة رقم 20: المسارعة في السير

إن من الأمور اللازمة للسائر إلى الحق ، ( المسارعة ) في السير بعد مرحلة ( اليقظة ) والعزم على الخروج عن أسر قيود الهوى والشهوات ..فإن بقاءه فترة طويلة في مراحل السير الأولى ، بمثابة حرب استنـزاف تهدر فيها طاقاته من دون أن يتقدم إلى المنازل العليا ، فيكون ذلك مدعاة له لليأس ، ومن ثَّم التراجع إلى الوراء كما يقع للكثيرين ..فالسائرون في بدايات الطريق لا يشاركون أهل ( الدنيا ) في لذائذهم الحسية ، لحرمتها أو لاعتقادهم بتفاهتها بالنسبة إلى اللذات العليا التي يطلبونها ، ولا يشاركون أهل ( العقبى ) في لذائذهم المعنوية ، لعجزهم عن استذواقها في بدايات الطريق ..فهذا التحير والتأرجح بين الفريقين قد يبعث أخيرا على الملل والعود إلى بداية الطريق ، ليكون بذلك في معرض انتقام الشياطين منه ، لأنه حاول الخروج عن سلطانهم من دون جدوى.





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.



للموضوع بقيه

ضمني على صدرك
11-10-2004, 03:50 AM
ومضات مبعثرة الرونق

بانتظار البقية ياريري

وساتاملها جيدا بهدوء

فسلمت اناملك

ولاحرمنا مشاركاتك القيمة

دمتي

RiRi
11-18-2004, 10:31 PM
الومضة رقم 21: الاصطفاء الإلهي

إن السير إلى الحق المتعال يكون تارة: في ضمن أسلوب ( المجاهدة ) المستلزم للنجاح حينا وللفشل أحيانا أخرى ، ويكون تارة أخرى في ضمن ( الاصطفاء ) الإلهي أو ما يسمى بالجذب الرباني للعبد ..كما قد يشير إلى ذلك قوله تعالى: { واصطنعتك لنفسي }و{ لتصنع على عيني }و{ كفّلها زكريا }و{ ألقيت عليك محبة مني }و{ إن الله اصطفى آدم ونوحا }و{ الله يجتبي إليه من يشاء }..ومن المعلوم أن وقوع العبد في دائرة الاصطفاء والجذب ، يوفّر عليه كثيرا من المعاناة والتعثر في أثناء سيره إلى الحق المتعال ، ولكن الكلام هنا في ( موجبات ) هذا الاصطفاء الإلهي الذي يعد من أغلى أسرار الوجود ..ولاريب في أن المجاهدة المستمرة لفترة طويلة أو التضحية العظيمة ولو في فترة قصيرة ، وكذلك الالتجاء الدائم إلى الحق ، مما يرشح العبد لمرحلة الاصطفاء ..وقد قيل: { إن الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق }.



لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.




الومضة رقم 22: العلم صورة ذهنية

ما العلم إلا انعكاس صورة معلومة معينة في الذهن ..وهذا المقدار من التفاعل ( الطبيعي ) الذي يتم في جهاز الإدراك - والذي لا يعتبر في حد نفسه أمرا مقدسا يمدح عليه صاحبه - لا يلازم القيام بالعمل على وفق ما تقتضيه المعلومة ، إلا أن ( تختمر ) المعلومة في نفس صاحبها ، لتتحول إلى إيمان راسخ يقدح الميل الشديد في النفس للجري على وفقها ..ومن هنا علم أن بين المعلومة والعمل مسافة كبيرة ، لا تُطوى إلا بمركب الإيمان ..وإلا فكيف نفسر إقدام المعاندين على خلاف مقتضى العقل والفطرة ، بل على ما يعلم ضرره يقيناً كأغلب المحرمات ؟! ، وقد قال الحق تعالى: { وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم }..وهنا يأتي دور المولى الحق في تحبيب الإيمان في الصدور وتزيينه فيها ، ليمنح العلم النظري ( القدرة ) على تحريك العبد نحو ما علم نفعه ، ولولا هذه العناية الإلهية لبقي العلم عقيما لا ثمرة له ، بل كان وبالا على صاحبه.



لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.




الومضة رقم 23: الاستقامة مع المعاشرة

إن مَثَل من يرى في نفسه الاستقامة الخلقية - وهو في حالة العزلة عن الخلق - كمَثَل المرأة الجميلة المستورة في بيتها ، فلا يُعلم مدى ( استقامتها ) وعفافها ، إلا بعد خروجها إلى مواطن ( الانزلاق ) ..وكذلك النفس فإن قدرتها على الاستقامة في طريق الهدى ، والتفوّق على مقتضى الشهوات ، يُعلم من خلال ( التحديات ) المستمرة بين دواعي الغريزة ، ومقتضى إرادة المولى عز ذكره ..ولا ينبغي للعبد أن يغـترّ بما فيه من حالات السكينة والطمأنينة وهو في حالة العزلة عن الخلق ، إذ أن معاشرة الخلق تكشف دفائن الصفات التي أخفاها صاحبها ، أو خفيت عليه في حال عزلته.



لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.




الومضة رقم 24: فتنة الكمال

إن الكمال العلمي والعملي للنفس بمثابة ( الزينة) للمرأة ..والمرأة كلما زادت زينتها كلما أشرق جمالها ، وأصبحت مادة لان تفتتن هي بنفسها ، ويفتتن الآخرون بجمالها ..فصاحبة هذا الجمال تحتاج إلى مراقبة تامة ، لئلا تقع في المفاسد المترتبة على ذلك الجمال الظاهري ..والأمر كذلك في النفس ( العارية ) من مظاهر الجمال الباطني فانه قد يهون خطبها ، وأما ( الواجدة ) للجمال العلمي والعملي - وخاصة مع شهادة الآخرين بذلك - فإن صاحبها في معرض الفتنة المهلكة ، كما اتفق ذلك للكثير من أرباب الكمال.



لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.




الومضة رقم 25: الأنس بالحق لا بطاعته

إن الأنس ( بالله ) تعالى أمر يغاير الأنس ( بطاعته )..فقد يأنس الإنسان بلون من ألوان الطاعة قد تنافي رضا الحق في تلك الحالة ، كالاشتغال بالمندوب ، تاركا قضاء حاجة مؤمن مكروب ..فالمتعبد الملتفت لدقائق الأمور ( مراقب ) لمراد المولى في كل حال ، سواء طابق ذلك المراد مراده أو خالفه ..وبذلك يختارمن قائمة الواجبات والمندوبات ، ما يناسب تكليفه الفعلي ، بدلا من الجمود على طقوس عبادية ثابتة.



لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.




الومضة رقم 26: الحديث النفسي

يدور في داخل الإنسان حديث نفسيّ يصل إلى حد ( الثرثرة ) ، يختلط فيه الحق والباطل ، والجد والهزل ، بل قد ( يحاكم ) الإنسان شخصا في داخله ، ويصب عليه ( غضبه ) ، بل قد يفحش بالقول في ذلك الحديث النفسي ، بحيث تبدو علامات السخط على وجهه وكأنـّه مشتغل خارجاً بمواجهة الخصم ..وعليه فلا بد من مراقبة هذه المحادثات الباطنية والتنصت عليها - وخاصة وأنها غير تابعة للإرادة الشعورية - لئلا يتحول الحديث في عالم الخيال والتجريد ، إلى عالم الخارج والواقع ، فتترتب عليه حينئذ أحكام الواقع ، وما يستلزمه من سخط المولى الجليل.




لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.




الومضة رقم 27: اللسان كاشف لا موجد

إن حركة اللسان بالألفاظ ( كاشفـة ) عن المعاني وليست ( موجدة ) لـها ..وعليه فان الذكر اللساني الخالي من الذكر القلبي ، خال من استحداث المعاني التي تترتب عليها الآثار ، من تنوير الباطن وترتّب الأجر الكامل وغير ذلك ..فكما أنه لا قيمة لحركة اللسان الخالية من قصد المعاني في باب المعاملات ، فكذلك الأمر إلى حد كبير في باب العبادات ، وإن كانت مجزءة ظاهرا ..وإن هذا الإجزاء يكون ( رفقاً ) بحال المكلفين الذين يخلّون بهذا الشرط غالبا ، إما قصورا أو تقصيرا.




لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.




الومضة رقم 28: سرقة الجوهرة

إن إيمان العبد بمثابة الجوهرة القيّمة في يده ..وكلما ازدادت ( قيمتها ) كلما ازداد حرص الشياطين في ( سلب ) تلك الجوهرة من يد صاحبها ..ولهذا تزداد وحشة أهل اليقين عند ارتفاعهم في الإيمان درجة ، لوقوعهم في معرض هذا الخطر العظيم ، من جهة من اعتاد سرقة الجواهر من العباد ..ومن المعلوم أن هذا الشعور بالخوف ، لا يترك مجالا لعروض حالات العجب والرياء والتفاخر وغير ذلك ، لوجود الصارف الأقوى عن تلك المشاعر الباطلة.




لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.




الومضة رقم 29: الالتفات للمسبِّب لا للسبَّب

إن من الضروري - في السعي وراء الأسباب عند الاسترزاق أو الاستشفاء أو غير ذلك - الالتفات المستمر ( لمسبِّبية ) الحق للأسباب ، إذ أن الساعي في تلك الحالة - وخاصة عند الاضطراب أو الغفلة - قد يكون بعيدا عن مثل هذه الالتفاتة المقدسة ..ومن الواضح أن مثل هذا الالتفات مستلزم ( لعناية ) الحق في تحقيق المسبَّب الذي يريده الساعي جريا وراء الأسباب ..إضافة إلى خروجه من صفة الغفلة التي تكاد تطبق الجميع في مثل هذه الحالات ، وبذلك يجمع بين ( قضاء ) الحاجة و( الارتباط ) بمسبب الأسباب في آن واحد.




لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 30: الإحساس بالمعيّـة الإلهية

لو تعمق في نفس الإنسان الإحساس بالمعـيّة الإلهية - المطردة في كل الحالات - لما انتابه شعور بالوحدة والوحشة أبدا ، بل ينعكس الأمر إلى أن يعيش الوحشة مع ما سوى الحق ، خوفا من صدهم إياه عن الأنس بالحق ..وهذا هو الدافع الخفي لاعتزال بعضهم عن الخلق ، وإن كان الأجدر بهم ( تاسيًا ) بمواليهم ، الاستقامة في عدم إلتفات الباطن إلى ما سوى الحق ، مع اشتغال الظاهر بهم ..وبما أن الإنسان يعيش الوحدة في بعض ساعات الدنيا ، وفي كل ساعات ما بعد الدنيا ، فالأجدر به أن يحقق في نفسه هذا الشعور ( بالمعية ) الإلهية ، لئلا يعيش الشعور بالوحدة القاتلة ، وخاصة فيما بعد الحياة الدنيا - الذي تعظم فيه الوحشة - إلى يوم لقاء الله تعالى.




لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.

RiRi
11-18-2004, 10:38 PM
الومضة رقم 31: فائدة العلوم الطبيعية

إن التعمق في العلوم الطبيعية يعين على معرفة عظمة الصانع ، وبالتالي يوجب مزيد الارتباط به ، سواء في ذلك العلم الباحث في المخلوق الصغير وهو ( الطب ) أو الباحث في المخلوق الكبير وهو ( الفلك ) ، وقد قال الحق جل ذكره: { سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم }..ومن الممكن للمتعمق في هذه العلوم ، أن يجـمع في نفسه بين آثار ( الانبهار ) بعظمة عالم التكوين و بين آثار ( التعـبد ) بعالم التشريع معا ، إذ أن صاحب الشريعة هو بنفسه صاحب الطبيعة ، والذي أمره بالصلاة هو الذي خلق الكون الفسيح بما فيه ..وبذلك ينظر مثل هذا المتعمق إلى الشرائع بتقديس واعتقاد ، وتعبد ممزوج بالتعقل والقبول ..ومما يلفت النظر في هذا المجال ، أن القرآن الكريم أمر بالعبادة بقوله: { اعبدوا ربكم الذي خلقكم }، عقيب قوله: { الذي جعل لكم الأرض فراشاً } ، مما قد يستفاد منه أن الالتفات إلى النعم في عالم التكوين ، مما يهيّـأ نفس الملتفت للخضوع أمام المنعم الخالق.



لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.




الومضة رقم 32: مدبريّـة الحق

إذا اعتقد العبد بحقيقة ( مدبرية ) الحق لعالم التكوين ، وأن ( سببيّة ) الأسباب - فسخا وإبراماً - بيده ، وأن انسداد السبل إنما هو بالنظر القاصر للعبد لا بالنسبة إلى القدير المتعال ، كان هذا الاعتقاد موجبا ( لسكون ) العبد - في احلك الظروف - إلى لطفه القديم ، كما هو حال الخليل (ع) في النار ..ناهيك عما يوجبه هذا الاعتقاد من طمأنينة وثبات في نفس العبد ، سواء قبل البلاء أو حينه أو بعده.




لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 33: اللقاء في جوف الليل

إن جوف الليل هو موعد اللقاء الخاص بين الأولياء وبين ربهم ..ولهذا ينتظرون تلك الساعة من الليل - وهم في جوف النهار - بتلهّف شديد ..بل إنهم يتحملون بعض أعباء النهار ومكدراتها ، لانتظارهم ساعة ( الصفاء ) التي يخرجون فيها عن كدر الدنيا وزحامها ..وهي الساعة التي تعينهم أيضا على تحمّل أعباء النهار في اليوم القادم ..وبذلك تتحول صلاة الليل ( المندوبة ) عندهم ، إلى موقف ( لا يجوز ) تفويت الفرصة عنده ، إذ كيف يمكن التفريط بمنـزلة المقام المحمود ؟!..ومن الملفت في هذا المجال أن النبيّ (ص) أوصي أمير المؤمنين بصلاة الليل ثلاثاً ، ثم عقّب ذلك بالقول: اللهم أعنه!.




لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 34: شرف الانتساب إلى الحق

عندما يتحقق العمل القربى منتسباً إلى الله تعالى ، فإن شرف ( الانتساب ) إلى الحق أشرف وأجلّ من ( العمل ) نفسه ، سواء كان ذلك العمل كثيرا أو قليلا ..فالعبد الملتفت لمرادات المولى ، يجاهد في تحقيق أصل ( العُلقة ) ، ولا يهمه - بعد ذلك - حجم العمل ولا آثاره ..لأن العمل مهما بدا للعبد جليلا ، فهو حقير عند المولى الذي تصاغر عنده الوجود برمّـته ، بخلاف علقة الانتساب إليه ، فانه شريف لكونه من شؤونه تعالى.





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.




الومضة رقم 35: مطابقة المزاج للطاعة

يصل العبد - بعد مرحلة عالية من صفاء الباطن - إلى درجة يتطابق فيها سلوكه مع مضامين بعض الأخبار الواردة عن المعصومين (ع) ، حتى مع عدم التفاته إلى تلك الأخبار تفصيلا ، لأنها حاكية عن الفطرة السليمة ..بل يصل الأمر به إلى أن يكون التقيّد بحدود الشريعة ( موافقاً ) لمزاجه الأوليّ ، وبالتالي لا يجد كثير معاناة في العمل بها ..وحينها يكون السير ( حثيثاً ) لا يقف إلا عند الوصول إلى ( لقائه ) ، و ذلك لازدياد درجة صفاء المزاج ، المستلزم لملائمة الطاعة - حتى الثقيلة - منها لذلك المزاج ..وعندها تتلاشى صعوبة المجاهدة والرياضة ، لما في الرياضة والمجاهدة من منافرة الطبع ، وهي منتفية عند ذلك المزاج.




لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 36: بنيان الحق في الأرض

إن المؤمن بنيان الله تعالى في الأرض ، ولهذا صار بمثابة الكعبة بل هو أشرف منها ..إذ أنه وإن تحقق الانتساب إلى المولى تعالى في الحالتين ، إلا إن انتساب ( القلب ) الذي هو عرش الرحمن إلى الحق ، أشرف من انتساب ( الحجارة ) إليه ..فذاك انتساب ذي شعور ناطق ، بخلاف الفاقد للشعور الصامت ..وعليه فإن كل خدمة لهذا البنيان ، فإنما هو خدمة لصاحب ذلك البنيان ، وكل أذى له فهو أذى لصاحبه ..وقد ورد عن الإمام الرضا (ع) أنه قال : { من أسخط وليا من أوليائي ، دعوت الله ليعذبه في الدنيا أشد العذاب ، وكان في الآخرة من الخاسرين }البحار-ج74ص230.




لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.




الومضة رقم 37: العمل للقرب لا للأجر

لا يحسن بمن يروم الدرجات العالية من الكمال ، أن يتوقف أداؤه للعمل على مراجعة ثواب ذلك العمل ..بل إن جلب رضا المولى في التروك والأفعال ، لمن أعظم الدواعي التي تبعث العبد على الإقدام والإحجام ..وهذا الداعي هو الذي يؤثر على كمّ العمل ، وكيفه ، ودرجة إخلاصه ..فحيازة الأجر والثواب أمر يختص بالآخرة ، وتحقيق القرب من المولى له أثره في الدنيا والآخرة ..وشتان بين العبد الحر والعبد الأجير ، وبين من يطلب المولى ( للمولى ) لا ( للأولى ) ولا ( للأخرى ).




لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 38: وجه القلب

كما إن في الكيان ( العضوي ) للإنسان وجها يمثل جهة اهتمامه بالأشياء والأشخاص ، إذ الإقبال على الأمور الخارجية والإعراض عنها يكون بالوجه ، فالأمر كذلك في الكيان ( النفسي ) للإنسان ، فإن له وجها بذلك الوجه يتجه حبا أو إعراضا نحو ما يتوجه إليه أو عنه ..فمن الممكن بعد المجاهدات المستمرة والمراقبات المتوالية ، الوصول إلى درجة تكون جهة القلب ( ثابتة ) نحو المبدأ ، وإن ( اشتغل ) البدن في أنشطة متباينة ، وتوزع وجهه الظاهري نحو أمور مختلفة.




لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.




الومضة رقم 39: الصلاة قمة اللقاء

إن ( أصل ) وجود علاقة العبودية و ( عمقها ) بين العبد وربه ، يمكن أن يستكشف من خلال الصلوات الواجبة والمستحبة ..فالصلاة هي قمة اللقاء بين العبد والرب ، ومدى ( حرارة ) هذا اللقاء ودوامها ، يعكس أصل العلاقة ودرجتها ..فالمؤمن العاقل لا يغره ثناء الآخرين - بل ولا سلوكه الحسن قبل الصلاة وبعدها - ما دام يرى الفتور والكسل أثناء حديثه مع رب العالمين ، فإنه سمة المنافقين الذين إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى.





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.




الومضة رقم 40: العلم لا يلازم الاطمئنان

إن من الواضح أن عملية ( تخزين ) المعلومات النظرية - حتى النافعة منها فيما يتعلق بعالم الفكر والإدراك - عملية مغايرة لعملية ( تجذير ) موجبات الاطمئنان في القلب ..فقد يوجب العلم حالة الاطمئنان وقد لا يوجبها ، وان كانت المضامين الموجبة لسكون القلب ، لها دورها كإحدى المقدمات الواقعة في سلسلة العلل ..ومما يؤيد ذلك عدم وجود تلازم بين ( القراءات ) المتعلقة بالجانب الروحي - كالكتب الأخلاقية - وبين ( التفاعلات ) الروحية المستلزمة لحالة السكينة والاطمئنان.





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





للموضوع بقيه

RiRi
11-19-2004, 03:50 PM
الومضة رقم 41: اجتذاب قلوب الخلق

إن السيطرة على قلوب المخلوقين ولو لغرض راجح - كالهداية والإرشاد - تحتاج إلى ( تدخّل ) مقلب القلوب ومن يحول بين المرء وقلبه ..وعليه فلا داعي لاصطناع الحركات الموجبة لجلب القلوب كالتودد المصطنع ، أو حسن الخلق المتكلَّف ..فما ( قيمة ) السيطرة على القلوب أولاً ؟!..وما ( ضمان ) دوام السيطرة الكاذبة ثانياً ؟!..وحالات انتكاس علاقات الخلق مع بعضهم - بدواع واهية - خير دليل على ذلك.




لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.




الومضة رقم 42: تلذذ الغني والفقير

طالما اشترك الغني والفقير في الالتذاذ ( الفعلي ) بملذات الحياة الدنيا ..وإنما افترقا في إحساس الأول بامتلاك الوسائل الكافية لتأمين الالتذاذ ( المستقبلي ) دون الآخر ..وليس هذا الفارق مما يستحق معه الوقوع في المهالك ، وخاصة أن ساعة المستقبل تنقلب إلى ساعة الحاضر في كل لحظة ، فيجد فيها الفقير أيضا ما يحقق له أدنى درجات الالتذاذ بحسبه ، من دون الوقوع في ( المعاناة ) والحرص الذي يصاحب جمع المال عـادة.




لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 43: التأثر الشخصي بالمصاب

من الضروري أن نجعل تأثرنا بمصائب أهل البيت (ع) بمثابة تأثر على مصاب ( شخصي ) كالمفجوع بعزيز لديه ، كما يشير إليه التعبير في زيارة عاشوراء: { وعظم مصابي بك }..فمن عظمت مصيبته بمن يحب ، لا يتوقع ( أجراً ) مقابل ذلك التأثر ، ولا يجعل ذلك ( ذريعة ) للحصول على عاجل الحطام ، كما نلاحظ ذلك فيمن يتوسل بهم توصلا إلى الحوائج الفانية ..وليعلم في هذا المجال أن التأثر بمصائبهم التي حلّت بهم صلوات الله عليهم ، كامن في أعماق النفوس المستعدة ، فلا يحتاج إلى كثير إثارة من الغير ، كما روي من{ أن لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبدا }..أضف إلى أن هذا التأثر العميق ، مما يدعو العبد إلى الولاء العملي والمتابعة الصادقة ، وهو المهم في المقام.





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 44: شهر الضيافة

إن شهر رمضان شهر ضيافة - حقيقة لا مجازا - ومن هنا سهل على الضيف أن ( يحوز ) على عطايا من المضيف ، لا يمكن الحصول عليها منه خارج دائرة الضيافة ..وليعلم أن هذه العطايا مبذولة من غير سؤال كما هو مقتضى الضيافة من الكريم ، فكيف بمن ( يسأل ) ذلك ؟!.. وكيف بمن ( يلح ) في السؤال ؟!..ومن هنا صارت ليلة العيد ليلة الجوائز العظمى ، ولطالما غفل عنها الغافلون.




لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.




الومضة رقم 45: الجمع بين الوحشة والمودة

إن من خصائص العامل في المجتمع ، هو الجمع بين حالة ( الوحشة) من الخلق ، لعدم تحقق الملكات الصالحة فيهم والتي هي الملاك للارتياح والأنس ، وبين حالة ( المودة ) والألفة والمداراة التي أمر بها الشارع جل شأنه ..فالمستفاد من مجموع الأخبار ضرورة الرفق بالناس على أنهم أيتام آل محمد (ع) ، وإن خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا ..فالجامع في نفسه بين هاتين الخصلتين ، أقرب ( للنجاح ) في إرشاد الخلق ، ( وللاحتراز ) عن مقتضى طباعهم الفاسدة المتمثلة في الانشغال بالباطل ، والغفلة عن الحق في الغالب.





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.




الومضة رقم 46: سياسة النفس

إن مجاهدة النفس وسياستها يحتاج إلى خبرة وإطلاع بمداخلها ومخارجها ، وسبل الالتفاف حولها ..فلا ينبغي تحميلها فوق طاقتها ، وإلا حرنت وتمردت حتى فيما لامشقة فيه ..بل لابد من إقناعها بالحقائق المحركة لها ، والموجبة لاستسهال بعض الصعاب ، ومنها : ( العلم ) بضرورة سلوك هذا السبيل الذي ينتهي إلى الحق الذي إليه مرجع العباد ، وأن ( مراد ) المولى لا يتحصل - غالباً - إلا بهذه المخالفة المستمرة ، بالإضافة إلى ( التذكير ) باللذات المعنوية البديلة ، مع الاحتفاظ بما يحلّ ويجمل من اللذائذ الحسية.





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.




الومضة رقم 47: تسويل النفس

كثيرا ما ننبعث في حياتنا من ( محركية ) الذات ومحوريتها ، حتى في الأمور التي يفترض فيها محو الذات ، واستذكار القربة الخالصة لله رب العالمين ، كدعوة العباد إلى الله تعالى ..ولطالما ( تسوّل ) النفس لصاحبها ( فيبطّن ) محورية ذاته بأمور أخرى عارضة ، كالثأر للكرامة أو إثبات العزة الإيمانية ، أو الدفاع عن العنوان ، أو دعوى العناوين الثانوية ، مما لا تخفى على العالم بخائنة الأعين وما تخفي الصدور ..وليعلم في مثل هذه الحالات ، أن الإحجام عن العمل خير من القيام به من تلك المنطلقات المبطّنة.





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 48: حذر المصلحين

إن المصلح الذي يروم إخراج العباد من الظلمات إلى النور في معرض ( عداء ) الشياطين له ، بل إثارة أحقادهم المستلزم ( للانتقام ) منه ، لأنه يروم تحرير الآخرين من سيطرة الطاغوت ، وهذا بدوره يعتبر تحديا له ولجنوده ..ومن هنا كان الأولياء يعيشون حالة الإشفاق والخوف من وقوعهم في إحدى شراك الشيطان المنصوبة لهم في جميع مراحل حياتهم ..فلم يأمنوا سوء العاقبة إلا بفضله تعالى ، وخاصة في مواطن ( الامتحان ) العسير في المال أو الجاه أو الدين ، فيما لو تزامن أيضا مع الضعف ، والغفلة ، وتكالب الشرور.




لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.




الومضة رقم 49: الاستعاذة بالحق

لو اعتقد الإنسان بحقيقة أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم في العروق ، وأنه أقسم صادقا على إغواء الجميع ، وخاصة مع التجربة العريقة في هذا المجال من لدن آدم إلى يومنا هذا ، ( لأعاد ) النظر في كثير من أموره ..فما من حركة ولا سكنة إلا وهو في معرض هذا التأثير الشيطاني ..فالمعايِش لهذه الحقيقة يتّهم نفسه في كل حركة - ما دام في معرض هذا الاحتمال - فإن هذا الاحتمال وإن كان ضعيفا إلا أن المحتمل قوي ، يستحق معه مثل هذا القلق ..و( ثـمرة ) هذا الخوف الصادق هو ( الالتجاء ) الدائم إلى المولى المتعال ، كما تقتضيه الاستعاذة التي أمرنا بها حتى عند الطاعة ، كتلاوة القرآن الكريم.





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.




الومضة رقم 50: العبودية ضمن المجاهدة

ليس من المهم تحقيق العبودية الكاملة من دون ( منافرة ) للشهوات والأهواء ..فمن يمكنه سفك الدماء والإفساد في الأرض - بما أوتي من شهوة وغضب - ثم ( يتعالى ) عن تلك المقتضيات ، ويلتزم جادة الحق والصواب ، هو الجدير بخلافة الله تعالى في الأرض ..وكلما ( اشتد ) الصراع والنجاح ، كلما عظمت درجة العبودية ..وقد كان الأمر كذلك بالنسبة إلى إبراهيم (ع) في تعامله مع نفسه وأهله وقومه ، إذ لم يصل إلى درجة الإمامة ، إلا بعد اجتيازه مراحل الابتلاء كما ذكره القرآن الكريم.





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.


للموضوع بقيه

RiRi
11-20-2004, 01:22 AM
الومضة رقم 51: أمارة التسديد

من أمارات الصلاح في الطريق الذين يسلكه العبد ، هو إحساسه ( بالارتياح ) وانشراح الصدر ، مع استشعاره للرعاية الإلهية المواكبة لسيره في ذلك الطريق ، وقلب المؤمن خير دليل له في ذلك ..وحالات ( الانتكاس ) والتعثر والفشل ، والإحساس ( بالمـلل ) والثقل الروحي مع الفرد الذي يتعامل معه أو النشاط الذي يزاوله ، قد يكون إشارة على مرجوحية الأمر ..ولكنه مع ذلك كله ، فإن على العبد أن يتعامل مع هذه العلامة بحذر ، لئلا يقع في تلبيس الشيطان .




لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 52: اختيار الأقرب للرضا

لا ينبغي للمؤمن أن يختار لنفسه المسلك المحببّ إلى نفسه حتى في مجال الطاعة والعبادة ، فمن يرتاح ( للخلوة ) يميل عادة للطاعات الفردية المنسجمة ( مع الاعتزال ) ، ومن يرتاح ( للخلق ) يميل للطاعات الاجتماعية الموجبة للأنس ( بالمخلوقين ) ..بل المتعين على المستأنس برضا الرب ، أن ينظر في كل مرحلة من حياته ، إلى ( طبيعة ) العبادة التي يريدها المولى تعالى منه ، فترى النبي (ص) عاكفا على العبادة والخلوة في غار حراء ، وعلى دعوة الناس إلى الحق في مكة ، وعلى خوض غمار الحروب في المدينة تارة أخرى ، وهكذا الأمر في الأوصياء من بعده .




لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.




الومضة رقم 53: كالخرقة البالية

تنتاب الإنسان حالة من إدبار القلب ، بحيث لا يجد في قلبه خيرا ولا شرا ، فيكون قلبه ( كالخرقة ) البالية كما ورد في بعض الروايات ..ففي مثل هذه الحالة يبحث المهتم بأمر نفسه عن سببٍ لذلك الإدبار ، فان اكتشف سببا ( ظاهرا ) ، من فعل معصية أو ترك راجح أو ارتكاب مرجوح ، حاول الخروج عن تلك الحالة بترك موجب الادبار ..وإن لم يعلم ( سبباً ) ظاهرا ترك الأمر بحاله ، فلعل ضيقه بما هو فيه ، تكفير عن سيئة سابقة أو رفع لدرجة حاضرة أو دفع للعجب عنه.




لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 54: لحظات الشروق والغروب

إن لحظات الغروب والشروق مما اهتم بها الشارع من خلال نصوص كثيرة ..إذ أنها بدء مرحلة وختم مرحلة ، وصعود للملائكة بكسب العبد خيرا كان أو شرا ، وهو الذي يتحول إلى طائر يلزم عنق الإنسان كما يعبر عنه القرآن الكريم ..فهي فرصة جيدة لتصحيح قائمة الأعمال قبل تثبيتها ( استغفارا ) منها أو تكفيراً عنها ..وللعبد في هذه اللحظة وظيفتان ، الأولى: ( استذكار ) نشاطه في اليوم الذي مضى ، ومدى مطابقته لمرضاة الرب ..والثانية : ( التفكير ) فيما سيعمله في اليوم الذي سيستقبله ..ولو استمر العبد على هذه الشاكلة - مستعينا بأدعية وآداب الوقتين - لأحدث تغييرا في مسيرة حياته ، تحقيقا لخير أو تجنيبا من شر .




لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.




الومضة رقم 55: الصفات الكامنة

إن من شؤون المراقبة اللازمة لصلاح القلب ، ملاحظة الصفات ( القلبية ) المهلكة كالحسد والحقد والحرص وغير ذلك ..فان أثر هذه الصفات الكامنة في النفس - وان لم ينعكس خارجا - إلا أنه قد لا يقل أثرا من بعض الذنوب الخارجية في ( ظلمة ) القلب ..وليعلم أنه مع عدم استئصال أصل هذه الصفة في النفس ، فان صاحب هذه الصفة قد ( يتورّط ) في المعصية المناسبة لها في ساعة الغفلة ، أو عند هيجان تلك الحالة الباطنية ، كالماء الذي أثير عكره المترسب .




لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.




الومضة رقم 56: برمجة اليوم

إن على العبد أن ( يبرمج ) ساعات اليوم من أول اليوم إلى آخره فيما يرضي المولى جل ذكره ، مَثَله في ذلك كمَثَل ( الأجير ) الذي لا بد وأن يُرضي صاحبه من أول الوقت إلى آخره فيما أراده منه ..فإذا أحس العبد بعمق هذه ( المملوكية ) ، لاعتبر تفويت أية فرصة من عمره ، بمثابة إخلال الأجير بشروط هذه الأجرة المستلزم للعقاب أو العتاب ..وبمراجعة ما كتب في أعمال اليوم والليلة - كمفتاح الفلاح وغيره - تتبين لنا رغبة المولى في ذكر عبده له في جميع تقلباته ، حتى وكأن الأصل في الحياة هو ذكر الحق ، إلا ما خرج لضرورة قاهرة أو لسهو غالب .




لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 57: خلود المنتسب إلى الحق

إن مما يوجب الخلود والأبديّة للأعمال الفانية ، هو ( انتسابها ) للحق المتصف بالخلود والبقاء ..فمن يريد تخليد عمله وسعيه ، فلا بد له من تحقيق مثل هذا الانتماء الموجب للخلود ..فلم تكتسب الكعبة - وهي الحجارة السوداء - صفة الخلود كبيت لله تعالى في الأرض إلا بعد أن انتسب للحق ..ولم يكتب الخلود لأعمال إيراهيم وإسماعيل في بناء بيته الحرام ، إلا بعد أن قبل الحق منهما ذلك ، وهكذا الأمر في باقي معالم الحج التي يتجلى فيها تخليد ذكرى إبراهيم الخليل (ع) ..والأعمال ( العظيمة ) بظاهرها والخالية من هذا الانتساب حقيرة فانية ،كالصادرة من الظلمة وأعوانهم ، سواء في مجال عمارة المدن ، أو فتح البلاد ، أو بث العلم ، أو بناء المساجد أو غير ذلك .



لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 58: قوارع القرآن

كثيرا ما يخشى الإنسان على نفسه الحوادث غير ( المترقبة ) في نفسه وأهله وماله ..فيحتاج دائما إلى ترس يحميه من الحوادث قبل وقوعها ، ومن هنا تتأكد الحاجة لالتزام المؤمن بأدعية الأحراز الواقية من المهالك ، وهي قوارع القرآن التي من قرأها ( أمِـنَ ) من شياطين الجن والإنس : كآية الكرسي والمعوذات وآية الشهادة والسخرة والملك ..فإن دفع البلاء قبل إبرامه وتحقـقه ، أيسر من رفعه بعد ذلك ..وقد ورد: { أنه ليس من عبد إلا وله من الله حافظ وواقية ، يحفظانه من أن يسقط من رأس جبل أو يقع في بئر ، فإذا نزل القضاء خلـيّا بينه وبين كل شيئ }البحار-ج5ص105 .




لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 59: الهيئة الجماعية للطاعة

نقرأ في دعاء شهر رمضان المبارك في الليلة الأولى منه : { أنا ومن لم يعصك سكان أرضك ، فكن علينا بالفضل جوادا }..فالعبد في هذا الدعاء يخلط نفسه بالطائعين ، بدعوى أنه ( يجمعه ) وإياهم سكنى الأرض الواحدة ، ليستنـزل الرحمة الإلهية العائدة للجميع ..وبذلك يتحايل العبد ليجد وصفا يجمعه مع المطيعين ، ولو كان السكنى في مكان واحد ..وكذلك الأمر عند الاجتماع في مكان واحد ، وزمان واحد في أداء الطاعة ، كالحج وصلاة الجماعة والجهاد ومجالس إحياء ذكر أهل البيت (ع) ، فان الهيئة ( الجماعية ) للطاعة من موجبات ( تعميم ) الرحمة ..وقد ورد في الحديث: { إن الملائكة يمرون على حلق الذكر ، فيقومون على رؤسهم ويبكون لبكائهم ، ويؤمّنون على دعائهم…فيقول الله سبحانه :إني قد غفرت لهم وآمنتهم مما يخافون ، فيقولون: ربنا إن فيهم فلانا وإنه لم يذكرك ، فيقول الله تعالى: قد غفرت له بمجالسته لهم ، فإن الذاكرين من لا يشقى بهم جليسهم }البحار-ج75ص468 .




لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 60: الأدب الباطني للأكل

إن للأكل آدابا كثيرة مذكورة في محلها ، إلا أن من أهم آدابه شعور الإنسان العميق ( برازقية ) المنعم الذي أخرج صنوفا شتى من أرض تسقى بماء واحد ..فمن اللازم أن ينتابه شعور بالخجل والاستحياء من تواتر هذا الإفضال ، رغم عدم القيام بما يكون شكرا لهذه النعم المتواترة ..ومن الغريب أن الإنسان يحس عادة بلزوم الشكر والثناء تجاه المنعم الظاهري - وهو صاحب الطعام - رغم علمه بأنه واسطة في جلب ذلك الطعام ليس إلاّ..أولا يجب انقداح مثل هذا الشعور - بل أضعافه بما لا يقاس - بالنسبة إلى من أبدع خلق ( الطعام ) ، بل خلق من أعده من ( المخلوقين ) ؟!.



لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.


للموضوع بقيه

RiRi
12-26-2004, 11:53 PM
الومضة رقم 61: الرغبة الجامحة

إن الميل والرغبة الجامحة في الشيء من دواعي النجاح في أي مجال: دنيويا كان أو أخرويا ..وهذا الميل قد يكون ( طبعيا ) ، كما في موارد الهوى والشهوة ، ولهذا يسترسل أصحابها وراء مقتضياتها من دون معاناة ..وقد يكون ( اكتسابيا ) كما لو حاول العبد مطابقة هواه مع هوى مولاه فيما يحب ويبغض ..وليُعلم أنه مع عدم انقداح مثل هذا الحب والميل في نفس العبد ، فإن سعيه في مجال الطاعة لا يخلو من تكلف و معاناة ..فالأساس الأول للتحليق في عالم العبودية ، هو ( استشعار ) مثل هذا الحب تجاه المولى وما يريد ، إذ أن{ الذين آمنوا أشد حبا لله }.







لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.







الومضة رقم 62: سوء الظن

كثيرا ما يحس الإنسان بإحساس غير حسن تجاه أخيه المؤمن ، وليس لذلك - في كثير من الأحيان - منشأ عقلائي إلا ( وسوسة ) الشيطان ، و ( استيلاء ) الوهم علي القلب القابل لتلقّي الأوهام ..وللشيطان رغبة جامحة في إيقاع العداوة والبغضاء بين المؤمنين ، معتمدا على ذلك ( الوهم ) الذي لا أساس له ..ومن هنا جاءت النصوص الشريفة التي تحث على وضع فعل المؤمن على أحسنه ، وألا نقول إلا التي هي احسن ، وان ندفع السيئة بالحسنة ، وأن نعطي من حرمنا ونصل من قطعنا ، ونعفو عمن ظلمنا ، وغير ذلك من النصوص الكثيرة في هذا المجال .






لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.






الومضة رقم 63: وظيفة الداعي

ليس المهم في دعوة العباد إلى الله تعالى ، كسب العدد والتفاف الأفراد حول الداعي ..وإنما المهم أن يرى المولى عبده ساعياً مجاهداً في هذا المجال ..وكلما اشتدت ( المقارعة ) مع العباد ، كلما اشتد ( قرب ) العبد من الحق ، وإن لم يثمر عمله شيئا في تحقيق الهدى في القلوب ..فهذا نوح (ع) من الرسل أولي العزم ، لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً ، فما آمن معه إلا قليل ، بل من الممكن القول بأن دعوة الأنبياء والأوصياء لم تؤت ثمارها الكاملة كما ارادها الله تعالى لهم ، وهو ما نلاحظه جلياً في دعوة النبي وآله (ع) للأمة ، إذ كان الثابتون على حقهم هم أقل القليل ..فالمهم في الداعي إلى سبيل الحق ( عرض ) بضاعة رابحة ولا يهمه من المشتري ؟!..وما قيمة البضاعة الفاسدة وإن كثر مشتروها ؟!..أضف إلى كل ذلك أن أجر الدعوة ودرجات القرب من الحق المتعال ، لا يتوقف على التأثير الفعلي في العباد .





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.






الومضة رقم 64: هدر العمر بالنوم

إن النوم من الروافد الأصلية التي ( تستنـزف ) نبع الحياة ..ومن هنا ينبغي السيطرة على هذا الرافد ، لئلا يهدر رأسمال العبد فيما لا ضرورة له ..ولذا ينبغي التحكم في أول النوم وآخره ، ووقته المناسب ، وتحاشي ما يوجب ثقله ..والملفت في هذا المجال أن الإنسان كثيرا ما يسترسل في نومه الكاذب ، إذ حاجة بدنه الحقيقية للنوم اقل من نومه الفعلي ..فلو ( غالب ) نفسه وطرد عن نفسه الكسل ، وهجر الفراش كما يعبر القران الكريم: { تتجافى جنوبهم عن المضاجع }، فانه سيوفّر على نفسه - ساعات كثيرة - فيما هو خير له و أبقى ..وقد روي عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال : { من كثر في ليله نومه ، فاته من العمل ما لا يستدركه في يومه}و{ بئس الغريم النوم ، يفني قصير العمر ، ويفوّت كثير الأجر }.







لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.






الومضة رقم 65: الفراق والوصل

إن في الفراق رجاء ( الوصل ) ، وخاصة إذا اشتد ألم الفراق وطال زمان الهجران ، وفي الوصل خوف ( الفراق ) ، وخاصة مع عدم مراعاة آداب الوصل بكاملها ، ومن هنا كانت حالة الفراق لديهم - في بعض الحالات - أرجى من حالة الوصل ..إذ عند الوصل تعطى الجائزة ( المقدرة ) ، بينما عند الفراق يعظم السؤال فيرتفع قدر الجائزة فوق المقدر ..وعند الوصل حيث الإحساس بالوصول إلى شاطئ الأمان ( يسكن ) القلب ويقل الطلب ، وعند الاضطراب في بحر الفراق يشتد التضرع والأنين ..وعليه فليسلم العبد فصله ووصله للحكيم ، الذي يحكم بعدله في قلوب العباد ما يشاء و كيف يشاء .






لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.






الومضة رقم 66: العداء المتأصل

إن القرآن الكريم يدعونا لاتخاذ موقع العداء من الشياطين ..وليس المطلوب هو العداء ( التعبدي ) فحسب ، بل العداء ( الواعي ) الذي منشأه الشعور بكيد العدو وتربّصه الفرص للقضاء على العبد ، خصوصا مع الحقد الذي يكنّه تجاه آدم وذريته ، إذ كان خلقه بما صاحبه من تكليف بالسجود مبدأ لشقائه الأبدي ، وكأنه بكيده لبنيه يريد أن ( يشفي ) الغليل مما وقع فيه ..وشأن العبد الذي يعيش هذا العداء المتأصل ، شأن من يعيش في بلد هدر فيها دمـه ..فكم يبلغ مدي خوفه وحذره ممن يطلب دمه بعد هدره له ؟!.






لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.






الومضة رقم 67: مؤشر درجة العبد

لو اعتبرنا أن هناك ثمة مؤشر يشير إلى حالات تذبذب الروح تعاليا وتسافلاً ، فإن المؤشر الذي يشير إلى درجة الهبوط الأدنى للروح ، هو الذي يحدد المستوى الطبيعي للعبد في درجاته الروحية ..فدرجة العبد هي الحد ( الأدنى ) للهبوط لا الحد ( الأعلى ) في الصعود ، إذ أن الدرجة الطبيعية للعبد تابعة لأخس المقدمات لا لأعلاها ..فإن التعالي استثناء لا يقاس عليه ، بينما الهبوط موافق لطبيعة النفس الميالة للّعب واللهو ..فهذه هي القاعدة التي يستكشف بها العبد درجته ومقدار قربه من الحق تعالى ..وقد ورد عن النبي (ص) أنه قال : { من أحب أن يعلم ما له عند الله ، فليعلم ما لله عنده }البحارج73ص40..وبذلك يدرك مدى الضعف الذي يعيشه ، وهذا الإحساس بالضعف بدوره مانع من حصول العجب والتفاخر ، بل مدعاة له للخروج منه ، إلى حيث القدرة الثابتة المطردة .





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 68: مجالس اللهو والحرام

إن بعض المجالس التي يرتادها العبد ، يكون في مظان اللهو أو الوقوع في الحرام ، كالأعراس والأسواق والجلوس مع أهل المعاصي ..ومن هنا لزم على المؤمن أن ( يهيئ ) نفسه لتحاشي المزالق قبل ( التورط ) فيما لو اضطر إلى الدخول فيها ..وليُعلم أن الجالس مع قوم إنما يبذل لهم ما هو أهم من المال - وهي اللحظات التي لا تثمن من حياته - فكما يبخل الإنسان بماله ، فالأجدر به أن يبخل ببذل ساعات من عمره للآخرين من دون عوض ..وتعظم ( المصيبة ) عندما يكون ذلك العوض هو ( تعريض ) نفسه لسخط المولى جل ذكره ، فكان كمن بذل ماله في شراء ما فيه هلاكه ..وأشد الناس حسرة يوم القيامة من باع دينه بدنيا غيره .






لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 69: التفكير في الشهوات

إن التفكير في الشهوات - بإحضار صورها الذهنية - قد تظهر آثاره على البدن ، فيكون كمن مارس الشهوة فعلا يصل إلى حد الجنابة أحيانا ..فإذا كان الأمر كذلك في الأمور ( السافلة ) ، فكيف بالتفكير المعمق فيما يختص بالأمور ( العالية ) من المبدأ والمعاد ؟..أولا يُرجى بسببه عروج صاحبه - في عالم الواقع لا الخيال - ليظهر آثار هذا التفكير حتى على البدن ..وقد أشار القرآن الكريم إلى بعض هذه الآثار بقوله: { تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثمَّ تلين }و{تولَّوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا } ، أضف إلى وجل القلوب وخشوعها ..بل يصل الأمر إلى حالة الصعق الذي انتاب موسى (ع) عند التجلّي ، وكان لإبراهيم أزيز كأزيز المرجل ، ناهيك عن حالات الرسول (ص) عند نزول الوحي ، وحالات وصيه (ع) أثناء القيام بين يدي المولى جل ذكره .







لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 70: منبّهية الآلام الروحية

كما أن الآلام ( العضوية ) منبهة على وجود العارض في البدن ، فكذلك الآلام ( الروحية ) الموجبة لضيق الصدر ، منبّهة على وجود عارض البعد عن الحق ..إذ كما انه بذكر الله تعالى ( تطمئن ) القلوب ، فكذلك بالإعراض عنه ( تضيق ) القلوب بما يوجب الضنك في العيش ، فيكون صاحبه كأنما يصّـعد في السماء ، والمتحسس لهذا الألم أقرب إلى العلاج قبل الاستفحال ..والذي لا يكتوي بنار البعد عن الحق - كما هو شان الكثيرين - يكاد يستحيل في حقه الشفاء ، إلا في مرحلة: { فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد} ، وعندئذ لا تنفعه هذه البصيرة المتأخرة عن وقت الحاجة .






لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.




للموضوع بقيــــه

RiRi
12-27-2004, 12:05 AM
الومضة رقم 71: آيات لأولي الألباب

إن التأثر ( بآيـتيّة ) الآيات متوقفة على وجود ( اللّب ) المدرك لها ..فالآية علامة لذي العلامة ، والذي لا يعرف لغة العلامة كيف يتعرّف على ذي العلامة ؟!..فمَثَل الباحثين في الطبيعة والغافلين عن الحق ، كمَثَل من يحلل اللوحة الجميلة إلى أخشاب وألوان ..فتراهم يرهقون أنفسهم في البحث عن مادة اللوحة وألوانها ، ولا يدركون شيئا من جمال نفس اللوحة ولا جمال مصورها ، وليس ذلك إلا لانتفاء اللبّ فيهم إذ{ ان في ذلك لآيات لأولي الألباب }..فعيونهم المبصرة والآلة الصماء التي يتم بها الكشف والاختراع على حد سواء ، في انهما لا يبصران من جمال المبدع شيئا .





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 72: التسمية نوع استئذان

إن التسمية قبل الفعل - من الأكل وغيره - نوع ( استئذان ) من العبد في التصرف فيما يملكه الحق ، وإن كان الأمر حقيرا عند العبد ، فالأمر في جوهره وعند أهله المستشعرين للطائف العبودية ، يتجاوز مرحلة الاستحباب ..وهكذا الأمر في جميع الحركات المستلزمة للتصرف في ملك من أمـلاك المولى جل ذكره ..ولهذا فإن كل عمل غير مبدوء بـ ( بسم الله) فهو أبتر ، إذ كيف يبارك المولى في عبد لا ينسب عمله إليه ، ولا يصدر منطلقا من رضاه ، بل يتصرف في ملكه من دون ( إحراز ) رضاه ؟!.





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 73: الإعراض بعد الإدبار

لابد من المراقبة الشديدة للنفس بعد حالات الإقبال - وخاصة - الشديدة منها ..وذلك لأن ( الإعراض ) المفاجئ باختيار العبد - بعد ذلك الإقبال - يُـعد نوع ( سوء ) أدب مع المولى الذي منّ على عبده بالإقبال وهو الغني عن العالمين ..ولطالما يتفق مثل هذا الإقبال - في ملأ من الناس - بعد ذكر لله تعالى ، أو التجاء إلى أوليائه (ع) ، وعند الفراغ من ذلك يسترسل العبد في الإقبال على الخلق ، فيما لا يرضي الحق: من لغو في قول ، أو ممقوت من مزاح ، أو وقوع في عرض مؤمن أو غير ذلك ..ومثل هذا الإدبار الاختياري قد ( يحرم ) العبد نعمة إقبال الحق عليه مرة أخرى ، وهي عقوبة قاسية لو تعقّلها العبد ..نعم قد يتفق الإدبار المفاجئ - مع عدم اختيار العبد - دفعا للعجب عنه ، وتذكيرا له بتصريف المولى جل ذكره لقلب عبده المؤمن كيفما شاء .





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 74: مؤلفات المنحرفين

إن مما ينبغي الحذر منه ، هو ما وصل إلينا من مؤلفات المنحرفين عن خط أهل البيت (ع) - قصورا كان الانحراف أو تقصيرا - وخاصة فيما كان في مجال الأخلاق والاعتقاد ..فمن الدواعـي الخفـية التي جعلت البعض منهم يتخذ لنفسه اتجاهاً أخلاقيا متميزا ليجـذب به قلوب المريدين ، هو ( منافسة ) خط أئمة أهل البيت (ع) في ذلك ، و ( استلاب ) القلوب المتعطشة للمعارف الإلهية ..وخاصة أن الأئمة (ع) لهم منهجهم المستقل في مجال تهذيب السلوك الإنساني المتمثل في: ( الاستقامة ) على طريق الشرع أولا ، و( الاعتدال ) في السير ثانيا ، و( الجامعية ) لكل جهات التكليف ثالثا ..وقد درّبوا خواصهم على هذا المنهج الذي افرز الكثير ممن يتأسى بهم في هذا المجال ..وينبغي الالتفات إلى أن حث عامة الناس على الرجوع إليهم قد يؤدي - من دون قصد - إلى صرف الناس عن خط أئمتهم (ع) ، أو على الأقل عدم استنكار البنية العقائدية لمخالفيهم .




لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 75: القلب حرم الله تعالى

إن اشتغال القلب بغير الله تعالى مذموم حتى عند الاشتغال ( بالصالحات ) من الأعمال كقضاء حوائج الخلق وأشباهه ..فقد روي عن الإمام الصادق (ع) أنه قال : { القلب حرم الله تعالى ، فلا تُدخل حرم الله غير الله}البحار-ج70ص25..فالمطلوب من العبد أن لا يذهل عن ذكر مولاه ، وإن اشتغلت الجوارح بعمل قربي لله فيه رضاً ..فإن ( حسن ) اشتغال الجارحة بالعبادة لا ( يجبر ) قبح خلو الجانحة من ذكر الحق ، فلكل من الجوانح والجوارح وظائفهما اللائقة بهما ..وحساب كل منهما بحسبه ، فقد يثاب احداهما ويعاقب الأخرى كما يشير إليه الحديث: { إن الله يحب عبدا ويبغض عمله ، و يبغض العبد ويحب عمله}البحار-ج46ص233..والخلط بينهـما مزلق للأولياء عظيم ..وهذا الأمر وإن بدا الجمع بينهما صعبا ، إلا إنه مع المزاولة والمصابرة يتم الجمع بين المقامين ،كما كان الأمر كذلك عندهم صلوات الله عليهم أجمعين .






لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.




الومضة رقم 76: استغلال أية فرصة

إن من الأمور المهمة التي قد يغفل عنها العبد هو استغلال ساعة ( الإقبال ) على المولى في أي ظرف كان صاحبه ..فقد تأتي هذه المنحة الإلهية على حين ( غفلة ) من صاحبها ، وفي حالة ( يجلّ ) الإنسان ربه في أن يذكره في تلك الحالة كالأماكن المستقذرة ، كما يشير إليه ما روي عن موسى (ع) إذ سأل ربه فقال : إني أكون في حال أجلك أن أذكرك فيها ، فجاءه الجواب: { يا موسى اذكرني على كل حال }البحار-ج3ص329 ..فليس للعبد أن يُعرض - حتى في تلك الساعة - عن ربه مع إقبال الحق عليه ، فان ذلك مدعاة لتعريض هذه النعمة الكبرى للزوال ..وقد يتفق الإقبال في المواطن المناسبة لذلك ، فيرق القلب من دون مجاهدة تذكر كمجالس رثاء أهل البيت (ع) ، فما أحرى بأصحابها أن يستغلّوا حالة الرقة التي تنتاب حتى غير الصالحين منهم في تلك المجالس ، وذلك بالتوجه إلى الله تعالى وخاصة بعد الفراغ من المجلس ، فإنها من المظان الكبرى لاستجابة الدعاء .





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.




الومضة رقم 77: تصريف الحق للأمور

كما يتولى الحق تعالى تصريف ( جزئيات ) عالم الخلق ، إذ ما تسقط من ورقة إلا بعلمه ، ولولا الإذن لما تحقق السقوط الذي تعلق به العلم ، فكذلك الأمر فيمن ( شملته ) يد العناية الإلهية ، فيتولى الحق تعالى تصريف شؤونه في كل صغيرة وكبيرة ..ومن هنا أُمر موسى(ع) بالرجوع إلى الحق ، حتى في ملح عجينه وعلف دابته ..ومن المعلوم أن هذا الإحساس ( يعمّق ) الود بين العبد وربه ، ناهيك عما يضفيه هذا الشعور من سكينة واطمئنان على مجمل حركته في الحياة ..ومن هنا ينسب الحق أمور النبي (ص) من الطلاق والزواج إلى نفسه فيقول: { عسى ربه إن طلقكن } و{ فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها }.





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 78: الأجر الجزيل على القليل

قد يستغرب البعض من ترتب بعض ما روي من ( عظيم ) الثواب على اليسير من العبادة ..ولو كان هذا الاستغراب بمثابة عارض أوّلى لا قرار له في النفس لهان الأمر ، ولكن الجاد في استغرابه ، فإنما هو قاصر: إمّا في إدراك ( قدرة ) المولى على استحداث ما لم يخطر على قلب بشر بمقتضى إرادته التكوينية المنبعثة من الكاف والنون ، أو في إدراك مدى ( كرمه ) وسعة تفضله الذي استقامت به السموات والأرض ..فمن يجمع بين القدرة القاهرة و العطاء بلا حساب ، فإنه لا يعجزه الأجر الذي لا يقاس إلى العمل ..إذ الثواب المبذول إنما هو اقرب للعطايا منه إلى الأجور ..وليعلم أخيرا أن نسبة قدرة الحق المتعال إلى الأمر - الحقير والجليل - على حد سواء ..فلماذا العجب بعد ذلك ؟!.





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 79: ملكوت الصلاة

إن الصلاة مركب اعتباري ركب أجزاءه العالم بمواقع النجوم ..فالحكيم الذي وضع الأفلاك في مسارها هو الذي وضع أجزاء هذا المركّب في مواقعها ، ولهذا كان ( الإخلال ) العمدي بظاهرها مما يوجب عدم سقوط التكليف ، لعدم تحقق المركب بانتفاء بعض أجزائه ..وليعلم أن بموازاة هذا لمركب الاعتباري ( الظاهري ) ، هنالك مركب اعتباري ( معنوي ) يجمعه ملكوت كل جزء من أجزاء الصلاة ..فالذي يأتي بالظاهر خاليا من الباطن ، فقد أخل بالمركب الاعتباري الآخر بكله أو ببعضه ..ومن هنا صرحت الروايات بحقيقة: { أنه ما لك من صلاتك إلا ما أقبلت فيها بقلبك }البحار- ج81 ص260 .





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 80: الطهارة الظاهرية والباطنية

أكد المشرع الحكيم على طهارة البدن والساتر والأرض في حال الصلاة ، التي هي أرقى صور العبودية للحق المتعال ،كما يفهم من خلال جعلها عمودا للدين ومعراجا للمؤمن ..ولعل الأقرب إلى تحقيق روح الصلاة ، هو الاهتمام بتحقيق الطهارة ( الداخلية ) في جميع أبعاد الوجود ، بل هجران الرجز لا تركه فحسب لقوله تعالى: { والرجز فاهجر }..فالهجران نوع قطيعة مترتبة على بغض المهجور المنافر لطبع المقاطع له ..فالمتدنس ( بباطنه ) لا يستحق مواجهة الحق وان تطهّر بظاهره ، حيث أن المتدنس - جهلا وقصورا - لا يؤذن له باللقاء وان اُعذر في فعله ..كما أن المتدنس ( بظاهره ) لا يؤذن له بمواجهة السلطان ، وإن كان جاهلا بقذارته .





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.



للموضوع بقيه

RiRi
12-27-2004, 03:47 AM
الومضة رقم 81: الصورة الذهنية الكاذبة

إن ما يدفع الإنسان نحو الملذات واقتناء أنواع المتاع ، هو الصورة ( الذهنية ) المضخمة - التي لا تطابق الواقع غالبا - لتلك اللـذة ..والسر في ذلك كما يذكر القرآن الكريم ، هو تزيين الشيطان ما في الأرض للإنسان بحيث لايرى الأشياء كما هي ، ومن هنا أمرنا بالدعاء قائلين: { اللهم أرنا الأشياء كما هي }..ولطالما يصاب صاحبها بخيبة أمل شديدة عندما يصل إلى لذته ، فلا يجد فيها تلك الحلاوة الموهومة ، وبالتالي لا يجد ما يبرر شوقه السابق ، كالأحلام الكاذبة التي يراها الشاب قبل زواجه ..ويكون ( تكرّر ) هذا الإحباط مدعاة ( للملل ) من الدنيا وما فيها ..وهذا هو السر في استحداث أهل الهوى وسائل غريبة للاستمتاع يصل إلى حد الجنون !..أما النفوس المطمئنة - بحقيقة فناء اللذات وعدم مطابقة الواقعية منها لما تخيلها صاحبها ، بل وجود لذائد أخري ما وراء الحس لا تقاس بلذائذ عالم الحس - ففي غنى عن تجارب المعاناة والإحباط ، لاكتشافهم الجديد الباقي حتى في عالم اللذات ، إذ أن كل نعيم دون الجنة مملول .





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 82: الخسارة الدائمة

إن الإنسان يعيش حالة خسارة دائمة ، إذ أن كل نَفَس من أنفاسه ( قطعة ) من عمره ، فلو لم يتحول إلى شحنة طاعة ، لذهب ( سدىً ) بل أورث حسرة وندامة ..ولو عاش العبد حقيقة هذه الخسارة لانتابته حالة من الدهشة القاتلة!..فكيف يرضى العبد أن يهدر في كل آن ، ما به يمكن أن يكتسب الخلود في مقعد صدق عند مليك مقتدر ؟!..وقد ورد في الحديث: { خسر من ذهبت حياته وعمره ، فيما يباعده من الله عز وجل }البحار-ج10ص110..والملفت حقا في هذا المجال أن كل آن من آناء عمره ، حصيلة تفاعلات كبرى في عالم الأنفس والآفاق ، إذ أن هذا النظم المتقن في كل عوالم الوجود - كقوانين السلامة في البدن و تعادل التجاذب في الكون - هو الذي أفرز السلامة والعافية للعبد كي يعمل ، فما العذر بعد ذلك ؟!..وإيقاف الخسارة في أية مرحلة من العمر - ربح في حد نفسه - لا ينبغي تفويته ، فلا ينبغي ( التقاعس ) بدعوى فوات الأوان ، ومجمل القول: أن الليل والنهار يعملان فيك ، فاعمل فيهما .





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 83: أدنى الحظوظ وأعلاها

لكل من القلب والعقل والبدن حظّه من العبادة ، نظرا لتفاعله الخاص به ، فللأول ( المشاعر ) ، وللثاني ( الإدراك ) ، وللثالث ( الحركة ) الخارجية ..وأدنى الحظوظ إنما هو للبدن ، لأنها أبعد الأقمار عن شمس الحقيقة الإنسانية ..وقد انعكس الأمر عند عامة الخلق ، فصرفوا جُلّ اهتمامهم في العبادة إلى حظ البدن ، وصل بهم إلى حد الوسوسة المخرجة لهم عن روح العبادة التي أرادها المولى منهم ، مهملين بذلك أمر اللطيفة الربانية المودعة فيهم ..ومن هنا لا نجد لعباداتهم كثير أثر يذكر غير الإجراء وعدم لزوم القضاء ..ومن المعلوم أن هذا الأُنس الظاهري بالعبادة ، متأثر بطبيعة النفس التي تتعامل مع الحقائق من خلال مظاهرها المادية ، وليست لها القدرة - من دون مجاهدة - على شهود الحقائق بواقعيتها ، ومن هنا عُلم منـزلة إبراهيم الخليل (ع) الذي أراه الحق ملكوت السماوات والأرض .





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 84: مخالفة النفس فيما تهوى

إن مخالفة النفس فيما تهوى وتكره لمن أهم أسس التزكية ، وخاصة عند ( إصرار ) النفس على رغبة جامحة في مأكل ، أو ملبس ، أو غير ذلك ..فان الوقوف أمام النفس - ولو في بعض الحالات - ضروري لتعويد النفس على التنازل عن هواها لحكم العقل ، ولإشعارها أن للعقل دوره الفعّال في إدارة شؤون النفس ، بتنصيب من المولى الذي جعل العقل رسولاً باطنياً ، وقد روي عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال : { إذا صعبت عليك نفسك ، فاصعب لها تذلّ لك }البحارج78ص119..ومن الملحوظ إحساس العبد ( بهالة ) من السمو والعزة ، عند مخالفة شهوة من الشهوات ، وهذه الحالة جائزة معجلة في الدنيا قبل الآخرة ، إذ يجد حلاوة الإيمان في قلبه ..هذه الحلاوة تجبر حرمان النفس من الشهوة العاجلة ، بل يصل الأمر إلى أن يعيش الإنسان حالة التلذذ في ترك اللذائذ ، لما فيها من السمو والتعالي عن مقتضيات الطبع ، بل يصل الأمر عند - الكمّلين - إلى مرحلة يتلذذون فيها ( برضا ) الحق عنهم حين تلذذهم بالمباحات ، أكثر من تلذذهم ( باللذة ) نفسها ..فمثلا يرون أن لذة رضا المولى على عبده بالزواج ، ألذ لديهم من عملية المعاشرة نفسها ، وهذا معنىً لا يوفق له إلا ذو حظ عظيم .





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 85: التجلي في الآفاق والأنفس

لقد تجلّى الحق في عالم ( الآفاق ) ، فأوجد هذا النظام المتقن الذي أذهل أرباب العقول على مر العصور ..فكيف إذا أراد الحق أن يتجلى لعبده في عالم ( الأنفس ) فيمن أراد سياسته وتقويمه ؟!..ولئن كانت العجائب لا تعد في عالم الآفاق ، فان العجائب لا تدرك في عالم الأنفس!!..ولا عجب في ذلك ، فإن المبدع في عالم الآفاق هو بنفسه المبدع في عالم الأنفس ، بل اكثر تجليـّا فيها ، لأنها ( عرش ) تجليه الأعظم ..فالمهم في العبد أن يعّرض نفسه لهذه النفحات ، حتى يصل إلى مرحلة: { عبدي أطعني تكن مَثَلي ، أقول للشيء كن فيكون ، وتقول للشيء كن فيكون }.





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 86: المال آلة اللذائذ

إن المال آلة لكسب اللذائذ ، فالذي لا تأسره لذائد المادة ، لا يجد في نفسه مبررا للحرص والولع في جمعه ، كما هو الغالب على أهل اللذائذ ، لأن لذائذهم لا تشترى إلا بالمال كلذة البطن والفرج ، وهو المتعالي عن تلك اللذائذ ..وبهذا ( التعالي ) النفسي يكون قد خرج من أسر عظيم وقع فيه أهل الدنيا ..وأما الذي ( ترقّى ) عن عالم اللذائذ الحسية ، فإن له شغل شاغل عن جمع المال بل عن الالتفات إليه ، إذ أن من لا تغريه اللذة ، لا تغريه مادتها أي ( المال )..وهذه هي المرحلة التي لا يجد فيها العبد كثير معاناة في دفع شهوة المال عن نفسه ، إذ اللذائذ أسيرة له ، لا هو أسير لهـا .





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 87: اللقاء في الأسحار

إن القيام في الأسحار بمثابة لقاء المولى مع خواص عبيده ، ولهذا لا ( تتسنى ) هذه الدعوة إلا لمن نظر إليه المولى بعين ( اللطف ) والرضا ، وهي الساعة التي يكاد يطبق فيها نوم الغفلة حتى البهائم ..ومن المعلوم أن نفس قيام الليل - مع قطع النظر عن حالة الإقبال - مكسب عظيم ، لما فيه من الخروج على سلطان النوم القاهر ، فكيف إذا اقترن ذلك بحالة الالتجاء والتضرّع ؟!..ومن هنا جعل المولى جل ذكره ( ابتعاث ) النبي (ص) المقام المحمود مرتبطا بتهجده في الأسحار ، رغم حيازته للملكات العظيمة الأخرى ..ويمكن القول - باطمئنان - أن قيام الليل هو القاسم المشترك بين جميع الأولياء والصلحاء ، الذين يشتد شوقهم إلى الليل ترقّباً للذائذ الأسحار ..وقد روي عن الإمام العسكري (ع) أنه قال : { الوصول إلى الله ، سفر لا يدرك إلا بامتطاء الليل }البحار-ج78ص379.





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 88: التشويش الباطني

إن من الضروري لمن يريد الثبات في السير إلى الله تعالى ، أن يستبعد عن طريقه كل موجبات القلق والاضطراب ، فإن التشويش الباطني بمثابة تحريك العصا في الماء العكر ، الذي يُخرجه عن صفة المرآتية للصور الجميلة والحالة تلك!..وإن استبعاد موجبات القلق يكون: بدفعها وعدم التعرض لها ( كعدم ) الاستدانة مع العجز عن السداد ..ويكون برفعها وإزالة الموجب لهـا ( كأداء ) الدين مع القدرة على أدائها ..ويكون بالتعالي وصرف الذهن عنها مع العجز التام عن الدفع والرفع ( كالعاجز ) عن السداد بعد الاستدانة ..وتفويض الأمر في كل المراحل - خصوصا الأخيرة - إلى مسبِّب الأسباب من غير سبب .





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 89: دواعي الهدى والهوى

إن الإخلاد إلى الأرض والركون إلى الشهوات البهيمية مما يوافق دواعي الهوى ، وبذلك تكون حركة الإنسان نحوها سريعة للغاية لو استرسل في شهواته ولم يغالبها ، وفي هذا السياق يبدي أمير المؤمنين (ع) تعجبه بقوله: { كيف يستطيع الهدى من يغلبه الهوى ؟ }..ولكنه في الوقت نفسه فإن التعالي والسمو إلى درجات القرب من الحق أيضا مما يوافق دواعي الهدى ، وهي إرادة الحق ورغبته ، بل دعوته الأكيدة للناس إليه بقوله: { ففروا إلى الله }..فكما أن الهوى في عالم التكوين سائق لصاحبه إلى الهاوية ، فإن ( مشيئة ) الحق ، وارداته ( التشريعية ) لطهارة العبيد كذلك ( تيسّر ) سبيل الوصول لمن تعرض لنفحات تلك الإرادة التي عبّر عنها الحق بقوله: { ولكن يريد ليطهركم }.





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 90: البلاء المعوض

إن البلاء الذي يصيب المؤمن الذي اخلص حياته لله رب العالمين ، بمثابة البلاء الذي يصيب العامل أثناء العمل مع من ضمن له الخسارة في نفسه وبدنه ..فمع علمه بأن كل بلاء يصيبه فهو ( مضمون ) العوض ، فإنه لا ( يستوحش ) لتوارد البلاء مهما كان شديدا ..بل قد يفرح - في قرارة نفسه - لو علم بالعوض المضاعف الذي لا يتناسب مع حجم الخسارة ، وهذا خلافا لمن يصيبه البلاء وهو لا يعلم انه رفع لدرجة أو كفارة لسيئة ، فيستوحش من أدنى البلاء يصيبه ، لما يرى فيه من تفويتٍ للّذائذ من دون تعويض .





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.



للموضوع بقيــــــــــه

RiRi
12-27-2004, 03:55 AM
الومضة رقم 91: العبثية في السلوك

إن الخوض فيما لايعني مصداق لحالة العبثية و ( اللاجدية ) في سلوك الإنسان ، وهو من موجبات قساوة القلب ..إذ القلب المشتغل بأمر لا يحتمل الاشتغال بأمر آخر ، ولو كان اللاحق أنفع من سابقه ..فليتأمل في مضمون هذا الحديث القدسي: { يا ابن آدم إذا وجدت قساوة في قلبك ، وسقما في جسمك ، ونقصا في مالك ، وحريمة في رزقك ، فاعلم انك قد تكلمت فيما لا يعنيك }..فإذا كان الخوض فيما لا يعني - ولو كان حلالاً - مما تترتب عليه هذه الآثار المهلكة ، فكيف بالخوض في ( الحرام ) ؟!.





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 92: هندسة التكامل

إن الذي يريد أن يحقق مستوى من التكامل الروحي في حياته ، عليه أن يمتلك خطة مدروسة: لها ( مراحلها ) المتدرجة ، ولها ( تقسيمها ) الزمني لكل مرحلة ، وفيها ( دراسة ) لنقاط ضعفه وقوته ، وفيها ( ملاحظة ) لتجارب الآخرين ، وفيها ( معرفة ) للعوارض التي تنتاب مجمل السائرين في الطريق: كالقبض والبسط ، وإعراض الخلق ، وضيق الصدر ، وهجوم الوساوس ..هذا المخطط ببعديه النظري والعملي ، ينبغي أن يكون واضحا دائما للسائرين إلى الله تعالى ، وإلا كان صاحبها كمن يحتطب ليلا ..إذ كما أن هندسة البناء المادي - وإن طال البحث فيها - أساس لنجاح البناء خارجاً ، فكذلك الأمر في البناء المعنوي ، فإن وضوح الخطـة وإتقانها ، وهندسة مراحلها ، مدعاة للسير على هدى واطمئنان ، وهذا بخلاف السائر على غير ( هدى ) ، فإنه لا تزيده كثرة السير إلا بعداً .




لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 93: الصلاة موعد اللقاء

إن من اللازم أن نتعامل مع ( وقت ) الصلاة على أنه موعد اللقاء مع من بيده مقاليد الأمور كلها ..ومع ( الأذان ) على انه إذن رسمي بالتشريف ..ومع ( الساتر ) بزينته على انه الزيّ الرسمي للّقاء ..ومع ( المسجد ) على أنه قاعة السلطان الكبرى ..ومع ( القراءة ) على أنه حديث الرب مع العبد ..ومع ( الدعاء ) على أنه حديث العبد مع الرب ..ومع ( التسليم ) على أنه إنهاء لهذا اللقاء المبارك ، والذي يفترض فيه أن تنتاب الإنسان عنده حـالة من ألم الفراق والتوديع ..ومن هنا تهيّب الأولياء من الدخول في الصلاة ، وأسفوا للخروج منها .





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 94: فرق الحال عن المقام

إن هناك فرقا واضحا بين الحالات الروحية ( المتقطعة ) التي تعطى للعبد - بحسب قابليته - بين فترة وأخرى ، وبين المقامات الروحية ( الثابتة ) التي لا تفارق صاحبها أبدا ..واستبدال الحال بالمقام يفتقر إلى رؤية واضحة للحالتين ، ومعرفة بموجباتهما ، وتجربة خاصة للعبد المراقب لنفسه ..ومجمل القول: أن استمرار الحالات الروحية المتقطعة ، وتحاشي موجبات الإدبار ، والالتزام العملي الدقيق بما يرضي المولى تبارك وتعالى ، والالتجاء الدائم إليه بالتوسل بمن لديهم أرقى درجات الزلفى لديه ..كل هذه الأمور دخيلة في تحويل الحالات المتناوبة إلى مقامات ثابتة ، ولكن بعد فترة من الصمود والاستقامة فيما ذكر.





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 95: مرحلة الاصطفاء

قد يصل العبد بعد مرحلة طويلة من ( المجاهدة ) في طريق الحق إلى مرحلة ( الاصطفاء ) الإلهي له..ومن مميزات هذه المرحلة أن العبد يعيش فيها حالة القرب الثابت من الحق - حتى مع عدم بذل جهد مرهق - في هذا المجال ..فهو يعيش حالة حضور ( دائم ) بين يدي المولى سبحانه ، إذ العالم كله محضر قدسه ، بكل ما في هذا الحضور من آداب الضيافة الربوبية ، التي لم تتم لولا دعوة الحق المتعال عبده إلى نفسه اكراما وحبـّا له ..وقد روي أن موسى (ع) سأل ربه: يارب وددت أن أعلم من تحب من عبادك فأحبه ، فأجابه: { إذا رأيت عبدي يكثر ذكري ، فأنا أذنت له في ذلك وأنا أحبه }البحار-ج93ص160..والتأمل في هذا المضمون النادر ، يفتح آفاقاً للذاكر وخاصة في بداية الطريق .




لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 96: ساعات الجد الواقعي

إن كل نشاط وحركة ( جـدّ ) في الحياة ، لهو أقرب إلى ( اللهو ) والبطالة ، إن لم يكن في سبيل مرضاته تعالى ..فما يمنّي به بعضهم نفسه بأنه مشغول طول وقته بالبحث العلمي ، أو التجارة ، أو عمران البلاد ، أو سياسة العباد ، أشبه بسراب يحسبه الظمآن ماء ، حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ، وذلك فيما لو إنتفى قصد القربة الذي يضفي الجدية على كل سلوك ..وقد ذكر القرآن الكريم الأخسرين أعمالاً بقوله: { الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا ، وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا } .. ورأس ساعات الجد هو ساعة ( الإقبال ) على المولى بكل أركان الوجود وذلك في الصلاة وغيرها ، ومن ساعة الجد هذه يترشح الجد على الساعات الأخرى من الحياة ..وقد بيّن أمير المؤمنين (ع) في كتابه إلى واليه على مصر مالك الأشتر موقع الصلاة من الاعمال بقوله: { واعلم أن كل شئ من عملك تابع لصلاتك ، واعلم أنه من ضيع الصلاة ، فإنه لغير الصلاة من شرائع الإسلام أضيع }تحف العقول-ص126.





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 97: التعالي قاصم للظهر

إن من الواضحات التي ينبغي الالتفات إليها دوما ضرورة تحاشي الإحساس ( بالعلوّ ) على المخلوقين ..فهذا الترفع ولو كان في - باطن النفس - لمن قواصم الظهر ،كما قصم من قبل ظهر إبليس ، مع سابقته قليلة النظير في عبادة الحق ..وطرد هذا الشعور يتوقف على الاعتقاد بأن بواطن الخلق محجوبة إلا عن رب العالمين ، فكيف جاز لنا قياس ( المعلوم ) من حالاتنا ، إلى المجهول من حالات الآخرين ، بل قياس ( المجهول ) من حالاتنا إلى المجهول من حالاتهم ، ثم الحكـم بالتفاضل ؟!..أضف إلى جهالة الإنسان بخواتيم الأعمال وهو مدار الحساب والعقاب ..ومن هنا أشفق المشفقون من الأولياء من سوء الخاتمة ، لتظافر جهود الشياطين على سلب العاقبة المحمودة للسائرين على درب الهدى ، ولو في ختام الحلبة ، إذ أنها ساعة الحسم ، ولطالما افلحوا في ذلك .





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 98: انحراف المدعين للمقامات

يتحير بعضهم في تفسير انحراف من أوتي نصيبا من العلم - حتى الإلهي منه - إذ تراهم يحلّقون في دعوى الحب الإلهي ، وكشف حقائق عالم الوجود كما يدعونها في منظوماتهم ومنثوراتهم ..ومن الأمثلة القرآنية على ذلك ( بلعم ) الذي أوتي الاسم الأعظم ، وقد وصفه القرآن بأنه أوتي الآيات ، فأسند المولى الإيتاء إلى نفسه فقال : {آتيناه}، ومن ثم جمع ما آتاه فقال : {آياتنا}..وقد روي عن الباقر (ع) أنه قال : { الأصل في ذلك بلعم ، ثم ضرب الله مثلاً لكل مؤثر هواه على هدى الله من أهل القبلة }مجمع البيان-ج2ص499..ولا غرابة في هذا الأمر ، إذ أن العبد في كل مرحلة هو في شأن ، و( الاستقامة ) في العبودية من جانب العبد ، فرع ( الحصانة ) الربوبية من جانب الرب ..هذه الحصانة التي لو رفعت عن العبد - بجريرة ارتكبها - لهوت به الريح في مكان سحيق ..ولـيُعلم في هذا المجال أن الحديث عن منازل الكمال وأسرار الطريق ، يتوقف على نوع معرفة يكتسبها صاحبها: بالتأمل ، أو الرياضة النفسية ، أو الاكتساب من الغير ..وهذا المقدار من المعرفة النظرية لا دلالة فيها على كمال صاحبها بالضرورة ، فهو علم لا يستلزم الكمال بمجرده ..كما قد يتفق ذلك كثيرا لأرباب العلوم الأخرى كالطب والحكمة ، فتجد الطبيب سقيما والحكيم يرتكب ما هو أقرب إلى السفه .





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 99: الأوقات المباركة

إن ( قصر ) فترة الحياة الدنيا - قياسا إلى الفترة اللامتناهية - من الحياة العقبى ، يجعل الإنسان ( محدوداً ) في كسبه ، وخاصة أنه يريد بكسبه المحدود تقرير مصيره الأبدي سعادةً أو شقاء ، إذ الدنيا مزرعة الآخرة ..ولهذا منح الرب الكريم بعض الأوقات وبعض الأعمال من البركات والآثار ، ( تعويضا ) لقصر الدنيا بما يذهل الألباب!!..فليلة القدر خير من ألف شهر ، وتفكر ساعة خير من عبادة ستين سنة ، وقضاء حاجة مؤمن أفضل من عتق ألف رقبة لوجه الله ، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر يعدل صيام الدهر ، إلى غير ذلك من النماذج الكثيرة في روايات ثواب الأعمال .





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 100: حالة المصلي في المسجد

إن على العبد - عند دخول المسجد - أن يستحضر ( مالكية ) المولى لذلك المكان و ( انتسابه ) إليه كبيت من بيوته ، فيعظم توقيره لذلك المكان ويزداد أنسه به ، إذ الميل إلى المحبوب يستلزم الميل إلى ( متعلقاته ) ومنها الأمكنة المنتسبة إليه ..ويكون لصلاته في ذلك البيت المنتسب للرب تعالى ، وقع متميز في نفسه ، فيعظم معها أمله بالإجابة ..كما يحنو بقلبه على المصطفين معه في صفوف الطاعة لله تعالى ، إذ يجمعه بهم جامع التوقير له والوقوف بين يديه ..كل هذه المشاعر المباركة وغيرها ، فرع تحقق الحالة الوجدانية التي ذكرناها ..ومن هنا يعلم السر في مباركة الحق في جمع المصلين في بيوته بما لا يخطر على الأذهان ، بل قد ورد أن الشيطان لا يمنع شيئا من العبادات كمنعه للجماعة ( العروة الوثقى-احكام الجماعة ) .





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.



للموضوع بقيــه

RiRi
12-29-2004, 02:04 AM
الومضة رقم 101: معرفة سلامة القلب

إن من مقاييس معرفة سلامة القلب ، هو البحث عن ( محور ) اهتمام القلب ومصب اهتمامه ، وما هو الغالب على همه ..فإن كان المحور هو الحق صار القلب إلهـيّا تبعا لمحوره ، وإلا استحال القلب إلى ما هو محور اهتمامه ، ولو كان أمراً تافها ، كما ذكر أمير المؤمنين لنوف قائلاً: { من أحبنا كان معنا يوم القيامة ، ولو أن رجلاً أحب حجراً لحشره الله معه }البحار-ج77ص384..وقد ورد في الحديث القدسي ما يمكن استفادة هذا المعنى منه: { إذا علمت أن الغالب على عبدي الاشتغال بي ، نقلت شهوته في مسألتي ومناجاتي ، فإذا كان عندي كذلك ، فأراد أن يسهو حلت بينه وبين أن يسهو }البحار-ج93ص162..وقد سمي القلب قلباً لشدة تقلبه ، ومن هنا لزم ( تعهّد ) محور القلب في كل وقت ، تحاشيا ( لانقلابه ) عن محوره ، متأثراً باهتمام قلبه فيما يفسده ويغيّر من جهة ميله .





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 102: شهوة الشهرة

إن من الشهوات التي تستهوي الخواص من العباد هو حب الشهرة ، فيبذلون لأجلها الكثير ، فضلاً عن إيقاع أنفسهم في موجبات الردى ، وارتكاب ما لا يمكن التكفير عنه ..والحال أن واقع الشهرة هو ميل الإنسان لانطباع صورته الحسنة في قلوب الآخرين ..فالأجدر به أن يسأل نفسه: أنه ما قيمة ( رضا ) القلوب قياسا إلى رضا رب القلوب ، فضلا عن ذلك ( الاعتبار ) النفسي فيها ؟! وهل ( يمتلك ) هذه الصور الذهنية لتكون جزء من كيانه يلتذ بوجدانها ؟! وهل ( يضمن ) بقاء هذه الصور المحسَّنة في قلوب العامة الذين تتجاذبهم الأهواء ، فلا ضمان لقرارهم ولا ثبات لمواقفهم ؟!..والحل الجامع هو الالتفات إلى حقيقة فناء ما هو دون الحق ، وبقاء وجه الرب الذي ببقائه يبقى ما هو منتسب إليه ، مصداقا لقوله تعالى: { كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام }.





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 103: موطن المعاني هو القلب

إن الكثير من المعاني التي تستوطن ( القلب ) نحبسها في سجن عالم ( الألفاظ ) ..وكأنّ تلك المعاني تتحقق بإمرار مضامينها على اللسان لقلقة لا تدبر فيها ..فمن هذه المعاني : الاستعاذة ، والشكر ، والاستغفار ، والدعاء ، والرهبة ، وغير ذلك مما بنبغي صدورها من القلب ، تحقيقا لماهيتها الواقعية لا الإدعائية ..فالخوف المستلزم للاستعاذة ، والندم المستلزم للاستغفار ، والخجل المستلزم للشكر ، والافتقار المستلزم للدعاء ، كلها معانٍ ( منقدحة ) في القلب ..والألفاظ إنما تشير إلى هذه المعاني المتحققة في رتبة سابقة أو مقارنة ، فالحق :
إن الكلام لفي الفؤاد وانما جعل اللسان على الفؤاد دليلا






لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 104: سعة مجال الإستجابة

إن من دواعي ( الانصراف ) عن الدعاء ، هو ( اليأس ) من الاستجابة في كثير من المواطن ..ولو أعتقد العبد اعتقادا يقينيا بامتداد ساحة حياته ، لتشمل حياة ما بعد الموت إلى الخلود في القيامة ، لرأى أن مجال الاستجابة يستوعب هذه الفترة كلها ، بل إنه أحوج ما يكون للاستجابة في تلك المراحل العصيبة من مـواقف القيامة ..ولهذا يتمنى العبد أنه لم تستجب له دعوة واحدة في الدنيا ، ومن هنا ورد في الدعاء : { ولعل الذي أبطأ عني هو خير لي ، لعلمك بعاقبة الأُمور }..إن وعي هذه الأمور يجعل الداعي ( مصراً ) في دعائه ، غير مكترث بالاستجابة العاجلة ، يضاف إلى كل ذلك تلذذه بنفس الحديث مع رب العالمين ، إذ أذن له في مناجاته ومسألته .





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 105: اللوامة والأمارة

إن من المعلوم إيداع المولى في نفوس عباده ما يردعهم عن الفاحشة ، وهو ما يعبر عنه بنداء الفطرة أو حكم العقل أو النفس اللوامة ..إلا أن ( تراكم ) الذنوب وعدم الاكتراث بتلك النداءات - بل العمل بخلافها - مما ( يطفئ ) ذلك الوميض الإلهي ، فلا يجد الإنسان بعدها رادعا في باطنه ، بل تنقلب النفس اللوامة إلى نفس أمارة بالسوء ، تدعو إلى ارتكاب بوائق الأمور إذ: { زين لهم الشيطان أعمالهم }..ولهذا يستعيذ أمير المؤمنين (ع) قائلا : { أعوذ بالله من سبات العقل }البحار-ج41ص162..( فسبات ) العقل يلازم ( استيقاظ ) الأهواء والشهوات ، إلى درجة يموت معه العقل بعد السبات .





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 106: الجن والشياطين

اعتاد البعض على الخوف من قضايا الجن ، وإيذائهم لبني آدم مع ما ينسجونه في هذا المجال من أنواع الخيال والأساطير ..والأجدر بهم أن ينتابهم الخوف من حقيقة أشد ملامسة لواقع البشر وأخطر على مسيرته وهي قضية إبليس ..فانه قد أقسم على إغواء البشر بشتى صنوفه ، لا يستثنى منهم أحدا إلا عباد الله المخلصين ..وهذا الخوف من الخوف ( المحمود ) بخلاف الخوف الأول ، لما يستلزمه من الحذر لئلا يقع في حباله ..والمشكلة في هذا العدو أنه لا يترك الإنسان حتى لو تركه ، وكف عن عداوته ، بل يزداد ( التصاقا ) بالعبد كلما ( أهمله ) أو داهنه .





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 107: الرفق بالمبتدئين

إن نفوس المبتدئين في عالم تكامل ( الأرواح ) ، بمثابة نفوس الناشئة في عالم تكامل ( الأبدان ) الذين لا يجدي معهم أساليب القهر والتعسف ..بل لابد من ( الرّفق ) بهم أولا ، وإتّباع ( المرحلية ) في تربيتهم ثانيا ، والدخول إليهم من المداخل ( المحببة ) إليهم ثالثاً ..وهكذا الأمر في النفوس ، فإنها جموحة غير سلسة القياد ، فلا نكلفها فوق طاقتها ، إذ في الحديث الشريف: { إن هذا الدين متين ، فأوغل فيه برفق }..ولا نكلفها المراحل العليا ، إلا بعد استيفاء المراحل قبلها ، وينبغي ( التحايل ) عليها فنعطيها اليسير من الحلال لتمكّننا في الكثير من الطاعة ، ونرفع عنها كلفة النوافل عند الإدبار لئلا تدبر عند الفرائض ، ونرغّبها في العظيم من اللذائذ الآجلة ، لتزهد في المهالك من اللذائذ العاجلة ..وقد ورد عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال : { خادع نفسك في العبادة وارفق بها ولا تقهرها ، وخذ عفوها ونشاطها إلا ما كان مكتوبا عليك من الفريضة ، فإنه لا بد لك من قضائها }- البحارج33ص508 .




لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.






الومضة رقم 108: النمو المتصل والمنفصل

للإنسان نوعان من النمو ، الأول: وهو النمو في نطاق ذاته - وما به قوام إنسانيته - كالنمو في الجانب العلمي والعملي ، وهو النمو ( المتصل ) ..والثاني: وهو النمو خارج دائرة ذاته كالنماء في ماله وما شاكله من متاع الدنيا ، وهو النمو ( المنفصل ) ..هذه الزيادات الخارجة عن دائرة ذاته لا تعطيه قيمة ( ذاتـيّة ) توجب له الترفع على الذوات الأخرى ، فالذات الواجدة والفاقدة - لما هو خارج عن دائرة الذات - تكونان على حد سواء ..فلا تفاضل بين ذات الواجد والفاقد للمال والجاه وغيرهما ، إلا بالنمو الذاتي الذي أشرنا إليه أولاً ، وأما التفاضل الاعتباري فلا وزن له ..وتتجلى هذه الحقيقة المرّة عند الموت ، حيث يتعرى الإنسان من كل هذه الزيادات المنفصلة الخادعة ، فيقول الحق محذرا: { ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة } .





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 109: النسبية فيما يعني

يلزم الالتفات إلى ( النسبية ) في قضية ما يعني وما لايعني ..فإن الأمر قد يكون الدخول فيه نافعاً بالنسبة إلى فرد دون آخر ، وعليه فلا يكتفي العبد - في مقام العبودية - بالنفع العام أو النفع الخاص للآخرين ، بل لابد من ملاحظة النفع الخاص بالنسبة إليه ، وهو ما يعنيه بالخصوص ..فالذي يخوض في الخلافات بين العباد - من دون وجود تأثير في خوضه لا علماً ولا عملاً - لهو من الخائضين في الباطل ، وتترتب عليه الآثار من ( قساوة ) القلب ، و( زلل ) القول والفعل ، مما يكون العاقل في غنىً عنه ..وقس عليه باقي موارد النسبية فيما لا يعني العبد .




لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





الومضة رقم 110: الجو الجماعي للطاعة

عندما يقع العبد في الأجواء العبادية المحفزة - لوجود الجو الجماعي - كالحج وشهر رمضان ، يجد في نفسه قدرة ( مضاعفة ) على العبادة ، لم يعهدها من نفسه ، بل لم يتوقعها منها ..وهذا بدوره يدل على وجود طاقات ( كامنة ) في نفسه ، لم يستخرجها بل لم يود إخراجها ، مما يشكل حجة على العبد يوم القيامة توجب له الحسرة الدائمة ..وعليه فلابد من ( استغلال ) ساعات هطول الغيث الإلهي ، ليستفيد منها في ساعات الجدب ، فيكون كمن زرع بذرة ونمّاها في مشتله ، ثم إذا اشتد عودها زرعها في مزرعته ، ليجني ثمارها ولو بعد حين ..فتلك الأجواء العبادية المحفزة ، بمثابة المشتل الذي يزرع فيه الإنسان بذور الخير ، ليستنبتها عند العودة إلى بيئته التي تتلاشى فيها تلك الأجواء المقدسة .





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.




للموضوع بقيه

RiRi
01-27-2005, 07:14 PM
الومضة رقم 111: إدامة حالة الرقة

قد تنتاب الإنسان ساعة إقبال وهو في حالة معينة من قيام أو قعود أو خلوة ..فيستحسن ( البقاء ) في تلك الهيئة الخاصة لئلا ( يرتفع ) حضوره و إقباله ..وذلك كمن أدركته الرقة وهو في حال القنوت ، فعليه الإطالة في تلك الحالة ، لئلا تزول في الركوع مثلا ..أو كمن أقبل على ربه في المسجد ، فعليه ألاّ يستعجل الخروج ، حذراً من زوال تلك الحالة ، أو كمن كان له أنس في ( خلوة ) ، فعليه ألا يسارع في الانتقال إلى جلوات الآخرين .




لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.






الومضة رقم 112: الذكر في الغافلين

يتأكد على العبد ( الإكثار ) من ذكر الله تعالى في البقاع التي لا ( يتعارف ) فيها ذكره كبلاد الكفر ، أو مواطن المعصية ، أو مواطن الغفلة كالأسواق ، أو مجالس البطالين فقد ورد: { أكثروا ذكر الله إذا دخلتم الأسواق وعند اشتغال الناس }البحار-ج93ص154..فإن في الذكر- عند الغافلين - من عطاء الحق ومباركته ، ما ليس في الذكر عند الذاكرين ، وقد وُصف في الأخبار بأنه كالمقاتل بين الهاربين ..ومِثْل هذا العبد ممن يُباهى به الملائكة ، لأنه كان في ( مظان ) الغفلة وخرج عنها بإرادته ، منتصراً على دواعي الغفلة ..وقد ورد في الخبر: {ما من مجلس يجتمع فيه أبرار وفجار ، ثم تفرقوا على غير ذكر الله ، إلا كان ذلك حسرة عليهم يوم القيامة }البحار-ج75 ص468 .






لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.






الومضة رقم 113: الدعاء المناسب للحالة

إن أدعية الأئمة (ع) - ومنها المناجاة الخمسة عشر - تتناسب مع الحالات المختلفة للعبد ..فينبغي اختيار الدعاء المناسب لتلك الحالة الخاصة ، وهذا بدوره يحتاج إلى تذوّق خاص لكلماتهم يحصل بالممارسة ..فحالة ( المقصّر ) يناسبها دعاء التائبين أو الشاكين ، وحالة ( المنبسط ) في الطاعة يناسبها دعاء المحبين أو المريدين ، وحالة ( الوَجِل ) يناسبها دعاء الخائفين أو الراجين ، وحالة ( المستغرق ) في النعم يناسبها دعاء الشاكرين ، وهكذا الأمر في باقي الأدعية ..وعليه فإنه من المناسب استقراء أدعيتهم - وخاصة في المناجاة - لاستخلاص ما يناسب الحالة الموافقة لهـا .







لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.






الومضة رقم 114: التزاحم في الواجب والمستحب

إن قانون التزاحم سار في المستحبات والواجبات معاً ..فكم من مستحب يمارسه العبد ينبغي تركه ، نظراً لمزاحمته لمستحب أهم ..ولو التفت العبد إلى هذه القاعدة لأعاد النظر في تقييم الواجبات والمستحبات المتزاحمة ..ومثال ذلك: ( الذّكر ) باللسان تاركاً ( الاستماع ) لموعظة قد تغير مجرى حياته ، أو الالتزام ( بالصمت ) تاركا إدخال ( سرور ) على قلب جليس مؤمن أو تفريج كربة عنه ، أو الانشغال بالأبعدين تاركاً القيام بحقوق الأقربين ..كل ذلك من صور الخلل بهذا القانون ، ولو استفهم العبد ربه في هذا المجال ، لدلّه على ما هو الأرضى ، إذ من استفهم الله تعالى يفهمه .






لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.







الومضة رقم 115: شكورية الحق

يتجلى في الحج شكورية الحق المتعال ، بما لا يتناسب مع فعل العبد ..إذ هو الذي وعد الزيادة مع الشكر ، ولاشك أن زيادته من الفضل الذي لا حساب له ..فإن عمل إبراهيم وإسماعيل (ع) وهاجر مهما بدا عظيما ، إلا أنه فعل ( تصرّم ) في وقته ، بل إن بعضه كان في مرحلة العزم ولم يتحقق خارجا كذبح إسماعيل ، ومع ذلك خُلِّدت آثار أعمالهم كما نلاحظها في السعي والهرولة تخليداً ( لبحث ) هاجر عن الماء ، والمقام تخليداً ( لبنائهم ) للكعبة ، ورمي الجمرات تخليداً ( لمجاهدتهم ) للشيطان ، وبئر زمزم تخليداً ( لتحملّهم ) العطش في مرضاته ، ومسجد الخيف تخليداً ( لامتثال ) إبراهيم أمر الحق في إسماعيل ، والحِجْر تخليداً ( لمضاجعهم ) المباركة بجوار بيته الحرام .







لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.






الومضة رقم 116: الحسرة على الخيرات

قد يتحسر بعضهم - وخاصة من الذين لا يملكون القدرة على تحقيق الخيرات المحسوسة كالقناطر والمساجد - على حرمانهم مثل هذا التوفيق ..ولكنه يمكن إزالة هذه الحسرة بالالتفات إلى أن العبد - بفضله تعالى - يؤجر على ( نيّـته ) إذا كان حقا صادقاً في نيته ، فإن أمير المؤمنين (ع) يعدّ من كان هواه معه في الحرب كمن شهد معه الحرب ، قائلا: {فقد شهدنا ، ولقد شهدنا في عسكرنا هذا قوم في أصلاب الرجال وأرحام النساء ، سيرعف بهم الزمان ويقوى بهم الإيمان }البحار-ج100ص96..وقد خلّد الحق ذكر الذين تولوا من عند النبي (ص) وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ، إذ لم يجد ما يحملهم إلى الجهاد ، وقد قيل أن البكائين طلبوا نعلا يلبسونها ..وليعلم أخيراً أن العمدة في الجزاء هو ( القلب السليم ) المتنـزه عن كل آفات القلوب ، واكتسابه مما لا يحتاج إلى مال ولا متاع ..فأين القلب السليم الذي هو ( عرش الرحمن ) ، من البناء الذي هو مظهر من مظاهر العمران ؟!.







لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.







الومضة رقم 117: السفر الهادف

إن في السفر مجالاً خصباً للتدبر وتقويم مسيرة العبد وتقييمها ، وذلك لما فيه من ( الانقطاع ) عن البيئة المألوفة ، و( الخروج ) عن أسر القيود المتعارفة ، أضف إلى ( الراحة ) النفسية التي يوفّرها السفر ، وبالتالي سكون النفس إلى ما ينبغي العيش فيه من المعاني التي لا يمكن استحضارها في زحمة الحياة ..وهذه الراحة بدورها عامل مساعد لانطلاقة النفس بشكل أيسر وأسهل في استكشاف أغوارها ، ونقاط ضعفها ، بدلا من التفرج على مظاهر العمران في البلاد فحسب ..فإن الأمر بالسير في الأرض ، قد تعقّـبه الأمر بالنظر في العواقب ، إذ قال سبحانه: { قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين }..ومن المعلوم أن المرء يكتشف قدر نفسه والآخرين ، في السفر والجوار والمعاملة .






لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.







الومضة رقم 118: حب التوابين

إن ( الاشمئزاز ) الذي ينتاب العبد بعد المعصية ، قد يكون - في بعض الحالات - من دواعي ( القرب ) إلى الحق ..ومن هنا كان الحق يحب التوابين ، وهو الملفت حقا في هذا المجال ، إذ قد علمنا أن الحب إنما هو للمطيعين ، فكيف صار للتوابين ؟! ، وخاصة مع ما يوحيه هذا التعبير من تكرر وقوع ما يوجب التوبة ، إذ التّواب هو كثير الرجوع عما ينبغي الرجوع عنه ..ومن هنا نجد حالات ( الطفرة ) في القرب عند بعض ذوي المعاصي ، الذين هجروا السيئات إلى الحسنات هجرة لا عودة فيها ..والتاريخ يروي قصص الكثيرين منهم ، مما يبعث الأمل في القلوب اليائسة .







لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.







الومضة رقم 119: طلب الكمال الأعلى

ورد في الدعاء بعد زيارة الإمام الهادي (ع): { وصفني واصطفني ، وخلصني واستخلصني ، واصنعني واصطنعني }مشيرا إلى مرحلة الاصطفاء والاستخلاص والاصطناع ، وهي من المراحل ( العالية ) من مدارج التكامل التي منحت لأمثال موسى (ع) ..ولا ينافي ذلك أن يطلب العبد شيئا من هذه الدرجات العالية ولو بمستوياتها ( الدانية ) المتيسرة لغير المعصومين (ع) ..وإن من الملفت في هذا المجال ذكر الاصطفاء بعد الصفاء ، والاستخلاص بعد الخلاص أو الخلوص ، والاصطناع بعد الصنع .








لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.








الومضة رقم 120: الفزع إلى الصلاة

إن من الصور الجميلة للعبودية أن يفزع العبد إلى الصلاة المستحبة ، كلما ( دهمه ) أمر ، أو ( انتابته ) نائبة ، أو كلما أحس ( بميل ) للمثول بين يديه تبارك وتعال حبا لا طمعا ..بل قد يصل الأمر - عند من توغل في رتب العبودية - إلى درجة ( الالتذاذ ) الواقعي بخصوص الصلاة ، بحيث تذهله عن حوائجه التي ربما صلى من أجلها ، بل عن البيئة المحيطة به ، لما فيها من المعراجية التي تنقل العبد من مرحلة التثاقل إلى الأرض - بما فيها من اضطراب وتشويش - إلى الآفاق الواسعة ، التي لا يكدرها شئ من أكدار أهل الأرض .








لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.






للموضوع بقيه

RiRi
03-24-2005, 07:51 PM
الومضة رقم 121: المعصومون من شؤون الحق

إن النبي والأئمة المعصومين (ع) من شؤون الحق المتعال ، فالتوجه إليهم بالصلوات والزيارة والتوسل وغيره ، مدعاة للقرب من الحق لما فيه من التوقير لشأن من شؤونه تعالى ..فالأمر يعود إليه تبارك وتعالى - بدء وختاماً - من دون أن يكون في ذلك أيـّة صورة من صور الشرك الذي قد يظنه الجاهل ..فالعبد كلما زاد تعظيمه ( لشؤون ) الحق ، كلما زاد تعظيمه ( للحق ) نفسه ..ولهذا لا يتأذى الأب من زيادة تعظيم الآخرين لابنه ، إذا علم أن ذلك لبنوّتـه ، وفي طول التعظيم لنفسه ..وقد ورد عن الصادق (ع): { إن لنا رباً يكلؤنا بالليل والنهار نعبده..قولوا فينا ما شئتم واجعلونا مخلوقين }البحار-ج25ص289..ومن الواضح أن المراد ( بقولوا ) ، هو القول الحق الذي لا يصطدم مع أي أصل من الأصول الثابتة .



لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.



الومضة رقم 122: منبهية البلاء

إن من الواضح أن بعض البلاءات ، فيها خاصية ( الـتّنبيه ) على الواقع المنحرف الذي يعيشه المؤمن ، كحالة عامة أو كذنب محدد ..فالمطلوب - قبل التبرم من البلاء والدعاء لرفعه - هو ( التفكير ) في الذنوب المحتملة التي أوجبت ذلك البلاء ، ومن ثم ( الاستغفار ) منها ، ولا يكون همّـه التخلص من ذلك البلاء طلبا للراحة فحسب ..وإن من المعلوم أن أثر الذنب قد يتجاوز الفرد ، من قساوة القلب إلى موت الفجأة وغيره ، ليشمل الطبيعة كمنع قطر السماء وجدب الأرض وإفساد الهواء ..وقد نصّت الروايات على سلسلة من الذنوب الموجبة لعقوبات مرتبطة بتلك الذنوب ، يحسن بالعبد مراجعتها ، ليحترز من موجبات العقوبة قبل التورط فيها .



لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.



الومضة رقم 123: قوام الإنسانية

إن قوام إنسانية الإنسان إنما هو بجهازي الفكر والقلب ، إذ بالأول ( يستحضر ) الصور ، ويرتب القضايا الموجبة للتصديق أو الإنكار ، وبالثاني ( يتوجّه ) ميلا أو نفورا تجاه الملائم والمنافر ..فلا بد من السائر إلى الحق أن يتحكم في هذين الجهازين ، وذلك بالذكر الكثير - إن لم يكن الغالب - فيستوعب أركان ( فكره ) ، وبالحب الشديد فيستوعب أركان ( قلبه ) ..ومن دون السيطرة على هذين الجهازين ، لا يكاد يستقيم له سير في هذه الحياة .



لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.



الومضة رقم 124: لوازم الهبات الروحية

طالما يتمنى العبد بعض الهبات الروحية المتميزة:كالانقطاع إلى الحق ، أو الحب المتيّـم ، أو بعض الكرامات المبذولة للسالكين ، ولايجد استجابة مع الإصرار الشديد على ما يريد ..والسبب في ذلك عدم قدرة العبد على الالتزام ( بلوازم ) هذه الحالات ، إذ أن الإعراض عن الحق بعد الإقبال الشديد ، يعرّض العبد لعقوبات قاسية ، كما هدد الحق به الحواريين ، عندما طلبوا كرامة المائدة السماوية فقال : { فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين }، فتـزوى عن العبد هذه الدرجات رأفة به ، لعدم ( قابلية) العبد لتلقي تلك الدرجات العالية ، لا بخلا من جهة ( فيّاضية ) الرب .



لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.



الومضة رقم 125: الوحشة الشديدة

لو استشعر الإنسان حقيقة الوحدة التي يعيشها ، لانتابه شعور بالوحشة شديد ..فقد كان ( وحيداً ) قبل نفث الروح في الأبدان ، وسيكون ( وحيداً ) في برزخه إلى يوم يبعثون ، ويأتي ربه ( وحيداً ) كما خلقه أول مرة ، وهو ( وحيد ) في الدنيا في ساعات نومه وكثير من ساعات يقظته ..فتبقى الساعات التي يعاشر فيها الخلق ، وهي ساعة لقاء الأبدان بالأبدان بحواسها المادية ، فلم تمتزج الأرواح بالأرواح لترتفع الوحدة حقيقة ..وعليه فإن الوحدة لا ترتفع إلا عند الارتياح إلى مرّوح الأرواح ، إذ: { بك إلى لذيذ مناجاتك وصلوا }.



لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.



الومضة رقم 126: خلاّقية الحق

إن من الممكن تقريب كيفية تصريف الحق لعالم الوجود الواقع بين ( الكاف والنون ) ، وذلك بالنظر إلى قدرة الأذهان في ابتداع الصور العظيمة - كملء الوجود ذهباً - بمجرد الإرادة والتخيّل ..فإن هذه الإرادة الخلاّقة تتساوى عندها الصور العظيمة والحقيرة ..ومن هذا التشبيه أيضا علم أن الجزاء ( الاستحقاقي ) و ( التفضّلي ) من جهة القدرة عند الحق المتعال على حد سواء ..وبذلك يرتفع الاندهاش من الثواب العظيم على العمل القليل ، وذلك لانتفاء الكلفة والمؤونة - في كل صور الجزاء - عند الحق المتعال .



لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.



الومضة رقم 127: داعي الذكر الدائم

إن من دواعي الالتزام بالذكر الدائم أموراً ، الأول منها: هو الالتفات التفصيلي إلى ( مراقبة ) الحق لعبده دائما ، فكيف يحق للعبد الإعراض عمن لا يغفل عنه طرفة عين ؟! ..الثاني: وهو الالتفات إلى ( افتقار ) العبد الموجب للولع بذكر الحق تعالى استنـزالاً لرحمته ..الثالث:وهو الالتفات إلى عظمة ( الجزاء ) الذي وعد به الحق نفسه - ولا خُلْف لوعده - وذلك من خلال التدبر في قوله تعالى: { اذكروني أذكركم }..فإن آثار ذكر الحق للعبد مما لايمكن إدراكه ، لاتساع دائرة تلك الآثار لتشمل الدنيا والآخرة بما ليس في الحسبان ، وقد ورد في الحديث القدسي كما ذكره الإمام الصادق (ع) بقوله: { أوحى الله إلى نبي من الأنبياء: إذا أطعت رضيت ، وإذا رضيت باركت ، وليس لبركتي نهاية ، وإذا عصيت غضبت وإذا غضبت لعنت ، ولعنتي تبلغ السابع من الوراء }البحار-ج14ص459..إذ كيف يحيط العبد - علماً - بكيفية ذكر الله تعالى له ، وهو المالك للأسباب جميعا ؟! .



لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.




الومضة رقم 128: الانقطاع بالنوم

إن النوم انقطاع عن الحق تعالى ، وذلك لانتفاء الذكر بكل صوره ، سواء بالقلب أو باللسان ، ولهذا يدع الرجل - كما روي - فقيراً يوم القيامة ..ولهذا لا يحسن النوم إلا عند الحاجة إليـه ، وبالمقدار الذي به قوام البدن ، كما لم يحسن التقلب في الفراش الذي هو حرمان لفوائد النوم واليقظة معا ..وقد سأل موسى (ع) ربه عن أبغض الخلق إليه ، فأوحى إليه: { جيفة بالليل وبطال بالنهار }البحار-ج13ص354..ومن هنا كثرت الأدعية الواردة قبل النوم ، لتذكّر العبد بحقيقة أن هذه العملية الشبيهة ( بالموت ) ، إنما هي وسيلة لاستعادة ( نشاط ) الحياة من أجل عبودية أفضل .



لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.




الومضة رقم 129: الانبهار والتفاعل

تنتاب الإنسان حالة من الإعجاب عند رؤيته لمشاهد من دقة الصنع في الخلق ، وينتهي الأمر عند هذا الحد ، والمطلوب من العبد تجاوز حالة الانبهار الذهني من ( دقّـة ) المخلوق ، إلى حالة التفاعل النفسي مع ( عظمة ) الخالق ..هذا التفاعل بدوره يفيض على الإنسان حالة من ( الاطمئنان ) في حاضره ومستقبل أموره ، لما يرى من أن نواصي الخلق طراً بيد ذلك المدبر للكون المترامي الأطراف ..ومن ( الخشوع ) لما يرى من أن من يقف بين يديه ، هو صاحب هذا الملك الواسع المتقن .



لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.



الومضة رقم 130: تحريك إرادة الحق

قد يتعجب المؤمن من قضاء المولى لحـوائجه العـظام بطلب يسير منه ، يتمثل بدعاء قصير يتوجه به إليه - وقد يخلو من إصرار وتأكيد - والحال انه لاعجب في ذلك ، فيما لو التفت العبد إلى أن الدعاء وإن كان ( صادرا ) من العبد ، إلا أنه مؤثر في ( تحريك ) إرادة المولى لتحقيق حاجته ..ومن المعلوم أنه إذا تحركت إرادة المولى لتحقيق الحاجة ، فإنه لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ..فالعَجَب إنما هو في نسبة دعاء العبد إلى حاجته ، لا في نسبة إرادة المولى إلى مراده ، إذ يستحيل تخلف مراد الحق عن إرادته ، فهي مستجيبة لمشيئته ومسرعة إلى إرادته .





لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.





وللموضوع بقيه