مشاهدة النسخة كاملة : الساعات الأخيرة في حياة مراسل "العربية" مازن الطميزي


RiRi
09-21-2004, 11:28 PM
لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.


حين دوى الانفجار الأول فجر الأحد 12-9-2004 في شارع حيفا في بغداد، لم يهدأ للزميل في "العربية" مازن الطميزي بال وظل قلقا لكي يباشر عمله الصحفي ويقوم بنقل الحدث مباشرة إلى المشاهد، لكنه لم يكن يعرف أنه بإسراعه للشارع الملتهب سيكون هو محورا لخبر حمل لزملائه كل الألم.

كانت الساعة تؤشر للرابعة صباحا تقريبا بتوقيت بغداد حين صحا الطميزي (25 عاما) وصديقه راجح خليل التلاحمة على صوت انفجار قريب من مسكنهما في شارع حيفا ألحق أضرارا بليغة بمجنزرة أمريكية في الجوار. ويتذكر التلاحمة على نحو جيد أن الطميزي بدا متوترا وهو يجاهد للحصول على كاميرا تلفزيونية، ولما عجز عن توفيرها بادر بالاتصال بمصور وكالة "رويترز" للأنباء سيف فؤاد لكي يتسنى له الحصول على صور للحادث ويقوم ببثها مع تقرير شامل لاحقا.


أضطر لإعادة التقرير فجرى القصف

وقال راجح التلاحمة لـ"العربية.نت" إن الشهيد مازن الطميزي هرع إلى الشارع في السابعة صباحا لدى وصول مصور "رويترز" سيف فؤاد، وبدأ الاثنان في تجهيز اللقطات اللازمة. لكن الطميزي نسى أن يذكر في ختام تقريره اسمه واسم المحطة الفضائية التي عمل لصالحها، مما اضطره لإعادة تصوير التقرير. وقبل أن يختم الطميزي تقريره الجديد قصفت مروحية أمريكية الموقع الذي كان تجمع فيه عدد كبير من العراقيين.

شعر التلاحمة أنه أصيب في رجله فسحب نفسه إلى الرصيف المجاور، ومسح بعينيه المكان ليطمئن على صديقه، فوجده مطروحا على الأرض على مبعدة منه، في حين تناثرت جثث 12 عراقيا في الموقع. كان مازن الطميزي ينزف من جرح كبير في ذراعه وآخر في خصره، وبدا صوت أنينه مسموعا للتلاحمة وهو يطلب النجدة "راح أموت.. راح أموت".

في الأثناء دوى انفجار جديد نتيجة قذيفة ثانية من مروحية أمريكية ليصاب هذه المرة سيف فؤاد مصور رويترز. ويقول التلاحمة إن مازن طلب هاتفه النقال فناوله إياه وسمعه يجري اتصالا مع مكتب "العربية" في بغداد أو أحد زملائه على الأرجح. ساعد بعض المارة في نقل التلاحمة والطميزي إلى مبنى قريب، ثم نقلا إلى مستشفى الكرامة. ومن هذا المستشفى نقل التلاحمة إلى مستشفى الكرخ، وهناك تم إبلاغه باستشهاد صديقه مازن الطميزي قبل أن يتسنى للمسعفون نقله إلى مستشفى الكرخ.



كان ينوي التوجه للعمرة

وكشف التلاحمة أن الطميزي كان يخطط لأداء العمرة هذا العام ثم التوجه لقضاء إجازة قصيرة في فلسطين قبل أن يعود مرة ثانية لبغداد. وأوضح أنه قبيل استشهاده بليلتين اتصل بـ20 من أقاربه في فلسطين. ويقول التلاحمة بأسى إن صديقه كان اجتماعيا جدا لم يحد علاقاته بالنخب العراقية فحسب، بل امتدت لبعض المتسولين في بغداد، لافتا إلى أنه فوجيء بشحاذ يعرف مازن في حي الكرادة في بغداد.

وأوضح أن صديقه كان يتميز أيضا بسعة صدر، وأنه واجه بعض المضايقات التي كان يتعرض لها الفلسطينيون عادة بعد انهيار نظام صدام حسين بتفهم بالغ وسعة صدر. وعن بعض الجوانب الخاصة في حياة مازن، قال التلاحمة إن مازن كان يعشق طبخ "الكفتة" بنفسه، وكان مولعا بلعب الورق مع أصدقاء فلسطينيين.



أسرته في فلسطين تتحدث عن حياته

وبدت شقيقته نهيل (البنت الوحيدة وسط 5 أشقاء) حزينة وهي تتحدث لـ"العربية.نت" عن شقيقها مازن الذي وصفته أنه "كان كل شيء بالنسبة لي". وربطت بينه وبين نهيل علاقة مميزة ولم يكف مازن عن الاتصال هاتفيا بها من بغداد. وحكت نهيل عن طفولته التي تميزت بالشقاوة، مشيرة إلى أنه كان خطيبا مفوها وكان مولعا بالصحافة.

وعن صباه أضافت نهيل الطميزي أن أخاها كان يساعد والده ماديا ببيع الحلوى، وفي الوقت ذاته كان يشارك بفاعلية بالغة في الانتفاضة الفلسطينية. وأوضحت أن بلدة (إذنا) في الخليل في فلسطين استقبلت نبأ استشهاد مازن بحزن بالغ، وعمد سكان البلدة إلى تزيين الشوارع بالأعلام الفلسطينية واللافتات. وتعلق نهيل أن شقيقها بعد إمضائه 6 سنوات في العراق، أضحى مغرما بكل ما يمت بصلة للعراق. وقالت إنه كان يردد "حتى لحمة العراق أزكى من لحمتكم".

وتقول نهيل إن شقيقها كان يحب الأطعمة الفلسطينية، وقبل وصوله من بغداد في إجازاته، كان يطلب منها إعداد المحشي واللبن والكفتة والمنسف والمقلوبة. وتشير إلى أنه قضى 20 يوما مع أسرته في (إذنا) في ابريل الماضي لم يكن خلالها يفارقهم قط، ولما حاولوا إثناءه عن العودة لبغداد أصّر على العودة، وهو الأمر الذي أكده والده سعود محمود الطميزي (أبوأيمن) الذي قال لـ"العربية.نت" إن مازن كان يردد "للبلد الذي علمني فضل علي".

وأضاف أبو أيمن الذي بدا الآخر مكلوما وصابرا أن نبأ استشهاد ابنه نزل عليه كالصاعقة لكنه وجد العزاء في الجموع الغفيرة التي تدفقت للعزاء. وأضاف أن قلب مازن كان معلقا بالعراق، وأنه حين طلب من ابنه البقاء في فلسطين بعد اندلاع الحرب في العراق رد عليه مازن أن بغداد يعيش فيها 6 ملايين و"أنا لست أفضل منهم". وأوضح أنه خيّر ابنه بين الدراسة في فلسطين أو اليمن أو الأردن أو مصر إلا أن مازن فضّل أرض الرافدين، ويشهد أبو أيمن لابنه أنه كان خلوقا ومؤدبا ومتدينا ومن "أبر الأبناء بآبائهم".

ولعل أخلاق مازن الطميزي هي التي دعت الزميل في مكتب "العربية" في بغداد جواد كاظم للبكاء بمرارة حين تحدث عن زميله الشهيد، قائلا "تذكرت أثناء الصلاة على جثمانه وقوفنا متجاورين أنا ومازن للصلاة على الشهيدين علي الخطيب وعلي عبد العزيز". ووصفه أنه كان ودودا ومتسامحا وكان محبوبا من الجميع، علاوة على تفانيه وإخلاصه لعمله.



أمسية الوداع في منزل هدير الربيعي

وعن الساعات الأخيرة في حياة الطميزي، قال جواد كاظم إن الزملاء في مكتب "العربية" في بغداد كانوا مدعوين لدى الزميلة هدير الربيعي في منزل أسرتها لتناول العشاء لمناسبة اجتماعية، وحين انتهت المناسبة ألح الطميزي على كاظم أن يقضي الليلة معه، لكنه أعتذر لارتباطات. واتصل كاظم بالطميزي صباحا بعد أن تأخر اتصاله الهاتفي الصباحي المعتاد ففوجيء بشخص آخر يتحدث وميز حينئذ صوت ضجيج ينبعث من الهاتف. وتلقى كاظم خبر إصابة الطميزي وقبل أن يلحق به في المستشفى علم كاظم أن الطميزي فارق الحياة.

ويقول كاظم إن علاقته بالشهيدين مازن الطميزي وعلي الخطيب كانت مميزة، لافتا إلى أنهما هو والطميزي حرصا على تزيين الكرسي الذي دأب الخطيب على الجلوس عليه في مكتب "العربية" بوشاح أسود ووضعا عليه باقة من الزهور وصورة للشهيد علي الخطيب. وأوضح أنه سيفعل الشيء ذاته مع الشهيد مازن، ولم يخف لوعته لفقد صديقيه الحميمين بهذه السرعة.



قصة تراب القدس بين شهيدي "العربية"

وأوضح كاظم لـ"العربية.نت" أن وعدا قطعه الطميزي لعلي عبد العزيز بإهدائه حفنة من تراب القدس لم يتحقق لرحيل الاثنين. وكان الطميزي جلب لكاظم حجرا من فلسطين بالإضافة لحفنة من التراب المقدسي حين آب من إجازته في أواخر 2003 من فلسطين، مما دفع الشهيد علي عبدا لعزيز لطلب هدية مماثلة من الطميزي.

وقالت الزميلة في مكتب "العربية" في بغداد هدير الربيعي إن حياة مازن كانت حافلة بالنشاط والمثابرة، موضحة لـ"العربية.نت" أنه طلب منها في أبريل 2003 أمام فندق فلسطين في بغداد أن تساعده في الظهور على الشاشة ليطمئن أسرته في فلسطين.

كان الطميزي وقتئذ طالبا في سنته النهائية في كلية الإعلام جامعة بغداد. ودخل للعمل التلفزيوني عبر زميله وائل عصام مراسل العربية في العراق في ذلك الوقت، و الذي لازمه في الدراسة الجامعية، وقدمه للزميل سعد السيلاوي (مدير مكتب العربية في بغداد سابقا) الذي وافق على تعيينه كمتدرب ليتعهده الجميع بالتشجيع حتى أصبح مراسلا بعد أن انتسب لـ"العربية" كمتدرب.

وتضيف الربيعي أن زميلها الطميزي تميز على الدوام بخفة الدم والمرح، وتصفه أنه كان غاية في التهذيب. وقالت إنه تطور في حقل الإعلام بسرعة فائقة نتاج طموحه الكبير ومثابرته إلى درجة أنه كان يقيم في مكتب "العربية" في بغداد. وأوضحت أنه قضى أمسيته الأخيرة رفقة زملائه في منزل أسرتها لحضور مناسبة اجتماعية بدا خلالها سعيدا. ولما همّ بالذهاب في حدود الواحدة صباحا رجته أمها أن يبقى لبعض الوقت لكنه أصر على الذهاب، موضحا أن صديقه راجح يمكث وحيدا في المنزل.



الطميزي.. شجاعة منقطعة النظير

وقالت الربيعي إن مازن علاوة على شغفه بالعطور والأناقة التي كانت تميز ملبسه، كان يحب نوعا من القهوة العربية تبعثها أسرته من فلسطين. وتذكر أنهما كانا يحتسيانها حتى في المكتب لشدة ولعه بالقهوة. وتشير إلى أن الطميزي كان يقارن بين الاحتلالين الإسرائيلي في فلسطين والأمريكي في العراق.

وتصفه شهادات عدد من زملائه أنه كان يتميز بشجاعة منقطعة النظير، فعلاوة على تأكيد هدير الربيعي لهذا الجانب في شخصيته، يقول مسؤول المقابلات في "العربية" الزميل نائل النجداوي إن مازن كان يقتحم الأماكن الخطرة للحصول على تقارير مميزة. ويضيف النجداوي لـ"العربية.نت" أنه كان يسهل عليه الوصول لكبار المسؤولين والشخصيات العراقية. ولفت إلى أنه قبل وفاته أسر له برغبته في زيارة المركز الرئيس لمحطة "العربية" في دبي.

وعن تفاصيل أنشطته أثناء دراسته في كلية الإعلام جامعة بغداد، يذكر وائل عصام مراسل العربية (وكان زميله في جامعة بغداد) أن مازن كان ينشط على نحو خاص في الفاعليات الفلسطينية. وأشار إلى أنه تمتع بعضوية اللجنة الاتحادية لطلبة فلسطين – قاطع الإعلام في تلك الفترة. ولفت إلى أنه كان لا يلقي بالا للإرهاق والسهر المتواصل نتيجة انهماكه في تجهيز المعارض والفاعليات التي كانت تقام في الأعياد والاحتفالات الفلسطينية كيوم الأرض، وأسبوع الطالب الفلسطيني. وأوضح أن هذه الفاعليات كانت تؤثر على تحصيله الأكاديمي أحيانا فيضطر إلى تبرير غيابه عن الدروس كتابة إلى إدارة الجامعة.



تعازي وتضامن واسع مع العربية

وفور تبلغها نبأ استشهاد الزميل مازن الطميزي في بغداد، سارعت فاعليات سياسية وإعلامية عربية وعالمية للتعبير عن تضامنها مع "العربية"، وتلقت مكاتب "العربية" حول العالم تعازي عدد كبير من هذه الفاعليات. ففي بغداد هرع سياسيون في الحكومة العراقية وخارجها وإعلاميون بالإضافة لمنظمات إنسانية ونقابات إلى تعزية الزملاء في بغداد.

كما تلقت مكاتب "العربية" في واشنطن ولندن تعازي القناة الرابعة في التلفزيون البريطاني ITN ورئيس تحرير صحيفة الديلي تلغراف البريطانية، كما وجه إيزون جوردان رئيس تحرير الأخبار بقناة CNN رسالة لـ"العربية" جاء فيها "كل شخص في سي إن إن يشارككم الحزن في هذا الوقت العصيب".

وفي تعزيته قال باول دولان من قناة ِABC، أحد أشهر الشبكات الأمريكية التلفزيونية العملاقة على الإطلاق، إنه تأثر كثيرا بفقدان مراسل "العربية" في العراق تحت النيرات الأمريكية وأن هذا يذكره بالمخاطر التي يواجهها الصحفيون من آلام الحرب، مضيفا "أعرف أنكم تعملون بجدية لتقديم صوت صحافي مهني قوي للعالم العربي".

وعلقت صحيفة "ريببليكا" ثاني أكبر الصحف الإيطالية على الحادثة في مقال مطوّل بالقول إن هذه التراجيديا توضح حقيقة الحرب على المجتمع المدني من خلال عدسة الكاميرا.



محطات في حياة مازن الطميزي

- ولد الزميل الشهيد مازن الطميزي في بلدة (إذنا) في الخليل الفلسطينية في 1979

- أكمل دراسته قبل الجامعية في الخليل

- تخرج في كلية الإعلام جامعة بغداد في العراق أواخر 2003

- التحق بقناة "العربية" في العراق في يونيو 2003 كمتدرب ثم أضحى صحفيا بها

- أصبح مراسلا أيضا لقناة "الإخبارية" السعودية إلى حين استشهاده

هاجس الشمال
09-21-2004, 11:55 PM
لا حول ولا قوه إلا بالله


الله يرحمة ويصبر أهله


تحياتي(114)

ضمني على صدرك
09-22-2004, 02:26 PM
لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.

لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.

لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.

لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.

الله يرحمه

ولاحول ولاقوة الا بالله

RiRi
09-22-2004, 08:30 PM
هاجس الشمال

ضمني على صدرك


اشكر تفاعلكم مع الموضوع

ويارب يكون مثواه الجنه لانه احد شهداء العراق ....شهيد على يد قوات الاحتلال الامريكي


دمتم برعايه الله وحفظه


لمشاهدة الروابط والصور يجب التسجيل.


ريـ ـ ـ ـري