مشاهدة النسخة كاملة : الجــوري وتــشــتــاق


تــشـتـــاق
07-22-2008, 02:47 PM
بعد مضي اثنان وعشرون عاما من رحلة مليئة بالشغف الاجتماعي المبهم .. قرر تــشــتــاق ضيف حلقتنا أن ينسلخ من جذوعه ومن عنتريته المقترنة باسمه .. فأعلن عن ما في خاطره لشخص جديد بحياته العملية والعلمية ..

(( شخص يسكب الدواء على أي داء فيشفيه بعد مشيئة الله سبحانه وتعالى )) هكذا كان يصف ضيفنا تــشــتــأق شخصنا المصون

تــشــتــأق :يسكن هناك في كهفه الخاص المليء بأشباح الحزن و دهاليز الأسى والمعاناة ... فما أن يعسعس الليل حاملا معه جنون الظلام المقرون بهيجان السقم والألم حتى تبدأ رحلة الكاتم الحقيقية مع نفسه الحقيقية ...



النفس تشتكي للنفس
العين تبحث عن الدموع
الجسد يبحث عن الألم والتعذيب
القلب يبحث عن فجوة بالعمق بكل تركيز
الأذن تبحث عن صمت مشحون بأقبح صرير



كل ما في جسدك أيها المتــشــتــأق قد استوطنته جنود الوحشة والمعاناة والتعاسة والحزن الأكيد

كل ما في روحك النقية قد تكبدّ القهر والحرمان والانزياح الثوري لــ (آه ) (آه ) ... لم أسمع لها دويا وصدى كهذا من قبل ولا من بعد



بركان خامد يتغلغل في جوفه حمم من نار .. لو انفجرت لقتلت الناس جميعا بمن فيهم أنا .. فحافظ عليها ولا تحترق و لا تفوت عليك القياس بمقياس رختر كل يوم لكي لا يحصل زلزال عنيف سيبكي الملايين ويقتل البلايين و يغرق البحار ويدفن الصحاري والأنهار



وما أن يتنفس الصبح فتحلق العصافير معلنة بداية صباح مشرق في حياة البشرية .. حتى يتقلد المــشــتــاق
سيفه المعتاد (قناع ) و هو لم ينم دقيقة واحدة متواصلة منذ البارحة الأولى .... يرتدي قناع مختلف تماما عن ما يعانيه في نفسه العميقة ... قناع هو من صنعه وهو من زخرفه وهو من كساه تلك الحلة البهية

ها هو المــشــتــاق .. قد بدأ مخالطة من حوله ومن هم خارج حوله وهو مرتديا قناعه المنسلخ عن جسده المخنوق بجهنم حزنه وكبت آلامه ... قناع فرح بشوش متعلم متفائل محب للآخرين يسمع شكوى ذاك ويساعد ذاك ويساند هنا و يدفع الأذى هناك ... شتان ما بين عسعسة الليل وتنفيسة الصباح ... شتان كبير !!


مضت إثنان وعشرون عاما من تقلبات العسعسة و التنفيسة في رحلة جمع بها ما يزيد عن مئات الأصدقاء وملايين من الراغبين في التعرف عليه ... فهو بئر خاملة مهما سمع ومهما قرأ لا يحب التكلم كثيرا .. يهوى القراءة والكتابة طويلا ويرتل الحزن في قلبه طويلا ... يسمع الكثير من محبي التشكي والشكوى .. لديه سجل إجرامي في قضية ثقة من حوله به إلى درجة تفوق الوصف .. وجميعهم لمن تخب ظنونهم به .. ولكن .. قد خاب ظنه في أكثريتهم بل كلهم ما عدا واحد فقط أو أثنين .. فانكسر ما تبقى من أمل لديه في خوض تنفيسة الصباح بغير القناع .. فأصبح متمسكا به لا يفارقه بل ازداد تمسكا و انفعالا به ...

هكذا استمرت الحياة .. !!
هكذا كانت بالنسبة للمــشــتــاق الذي لم يجد شخصا ينفس له بعضا مما برمجه في حاسوب قناعه .....!!





فجأة وبلا سابق إنذار



وفي تلك الغرفة البعيدة كل البعد عن العالم الإنساني في هذه الدنيا .. تلك الغرفة التي يشرف عليها كهف غامض .. قرر أخيرا المــشــتــاق اصطحاب شيء جديد وغريب على الغرفة .. فقد عرفه ضيفناالمــشــتــاق تــشــتــاق خارج هذه الغرفة ولكنه لم يشاركه لحظات العسعسة لأنه لا يريد إلا تلك النفس لتشاركه لحظات القنوت ..

ذلك الشيء هو الجوري ..



وردتان لهما لون مختلف ورائحة مختلفة وعبير واحد ونسيم واحد و إشعاعه واحدة ... يا له من منظر جميل أصاب جميع الأشياء التي في الغرفة رغم كثرتها بشيء من الارتياب والهلع ... كانت تلك الورود (الجوري) سحابة قد غصت في قلب المــشــتــاق شيئا كبيرا فهو لا يريدها بين مرتاع ليله لكي لا تفسد طقوسه المعتادة ولكنه كان قد قطع وعدا وعهدا لــ (جوري) ... جوري (إنسان) أخرى بأن يحقق لها ما تتمنى .. وقد تمنت أن يصحب كاتم الأحزان تلك الجوري إلى غرفته ويضعها أمام ناظريه






وهكذا كانت وهكذا التقيا وهكذا يستمران .....!!


ينظر المــشــتــاق إلى .........!!!

لنكمل في الحلقة القادمة .. كيف كانت أول مقابلة بين تــشــتــاق وجورية الجوري التي سكنت معه في كهف غرفته

تحياتي لكم


رجاء خاص


( دعونا لوحدنا نكمل حوارنا وإلى أن نكمل الموضوع وهو ليس بطويل يحق لكم بعدها مناقشتنا أو الرد علينا )

الراوي


اخـــوكــم:تــــشـــاق او >>>>>>قـــاطــع

ينظرالمــشــتــاق إلى النافذة في أقصى حدود الغرفة ... يحاول الوصول إلى ماهيتها ...



وفجأة ... ينطلق في صمت الغرفة شعاع من صوت خافت يتساءل :




لماذا تحدّق في النافذة هكذا كالمجنون ...؟؟ هل تنتظر أحدا ..؟؟




المــشــتــاق.. يقوم مثقلا مفزوعا من ذلك الصوت .. مرتاب .. مضطرب .. والعرق يملأ وجنتيه على الرغم من البرد القارص الذي يعّم أرجاء الموقع .... !!
وما زالت المراقبة والبحث جاريا عن مصدر الصوت والمــشــتــاق يحتبس و يحترس .. ينظر للأمام و للخلف وللأعلى وللأسفل ويلتفت بشكل سريع ومضطرب إلى اليمين وإلى اليسار ...!!




هيهات .. هيهات ... أين مصدرك أيها الصوت ...؟؟ أين أنت أيها المتحدث ... تعال وواجهني ... تعال تبت يدا صوتك المبهم ..؟؟

ويظل نداءالمــشــتــاق مستمرا والخوف يملأ عينيه .. الخوف من أن يكون أحد ما قد حاول إدراك عسعسته الليلية .. ومن ثم فك شفرة لغزه وسره الحزين ...!!

وبنفس الصوت وعلى نفس مقدار الثقة والجمود يتساءل ذلك المجهول مرة أخرى :

(( ولم أنت مضطرب .... أنا هنا ...؟؟ ))

يحاول المــشــتــاق ان يلتقط إشارات ذلك الصوت .. يعجز .. لا يمتلك الآن في هذه اللحظة بالذات أي رادار أو تركيز ذهني .. إنه مشتت بالطبع

ينادي ذلك الشيء

(( أنا هنا .. أنظر إلى يسارك في أقصى المكان .. في الأعلى ... نعم .. نعم .. لا تستدر ... أنا هنا .. أنا من يكلمك ..؟؟))

أنا الجوري ... التي كانت جوري والآن هي (نبته صوري) .. ركنتني في مكان مفلس .. لا حرية و لا ماء ..لا حياة و لا هواء .... لا روح ولا ضياء

كنت أحاول استدراج أصدقائك .. طاولتك وكرسيك و كتبك و قلمك و ملابسك .. فوجدتها من قبيلة ( صم . بكم .. عمي .. لا نسمع ولا نقرأ ولا نتكلم ) ...!! يملأها غبار الزمن .. وتحرسها نفحات الظلام ...!!

.المــشــتــاق. بعد أن تمالك نفسه من حالة الانهيار .. وملأ قلبه الحرص والاطمئنان ...!!

(( أهلا بك أيها الجوري .. أهلا بك ... هل ينقصك شيء ...؟؟))

المــشــتــاق وهو يحمل قدماه بتثاقل عجيب ليتجه إلى مكانه السابق والطبيعي .. يحاول الجلوس بروية وبتعب كبير كأنه شيخ قد أرهقته السنين .... يعاود الكرّة للنظر إلى تلك النافذة .. ويتأملها بأعجوبة عميقة ....!!

تتأمل الجوري معه تلك اللحظات ولم تنطق بشفتيها أي كلمة .. في انتظار ما ستئول إليه الساعات .. وتمضي الدقائق والكاتم ما زال يسطع بعينيه إلى نفس الاتجاه بلا حراك أو تنفس ..!!

وما هي إلا ثوان قليلة ..


ليرتشق في فراغ تلك الغرفة أصوات مخيفة .. رياح تعصف بالمكان .. ورماح تطير بالهواء .. عالم عجيب يظهر .. وكاتم الأحزان يرقب الموقف وبخفتت عين .. تظهر سحابة من صمت عجيب ....!!



الجوري مندهشا بالموقف .. يتطلع إلى رؤية شيء غريب آخر ..

ينظر إلى المــشــتــاق فإذا به جسد بلا رأس .. فقد غرس رأسه في جسده ..



غرسه وهو طريح لحزن وألم وسقم وتعب وانهيار ... كأنه جسد قد خاض ملايين الحروب في تلك الدقائق .. بل كأنه قد قطع مسافات في صحاري قاسية برمال عاتية ..!!




ليتساءل الجوري


(( هل لي أن أعرف الحكاية ...!!)

لا يجد إجابة

مرة أخرى يتساءل الجوري

(( هل لي أن أعرف الحكاية ...!!)

لا مجيب

وبصوت أشد وطأة يتساءل الجوري

(( هل لي أن أعرف الحكاية ...!!)

فيسمع صوت خافت مليء بنبرات من الإرهاق والألم .. صوت له صدى كتدفق الماء من الصنبور

(( أيها الجوري .. لقد عسعس الليل ..!!)
ألم تنظر إلى تلك النافذة اللعينة ...!!
لقد عسعس الليل وكفا .....!!



أسئلة كثيرة وطويلة تتصاعد من الجوري ... فتظهــر كأنها بخار من الماء تتراكم في المكان بلا إجابة

أنهكت الأسئلة ذلك الجوري .. فغفا في نوم عميق ..!! لم يصحو إلا قبيل الفجر بدقائق

ينظر إلى مكان المــشــتــاق فيجده كما هو بالأمس .. لم يلحظ أي تغيرات في الملامح .. وما هي إلا لحظات لتشق إشعة الشمس طريقها إلى الغرفة .. فتعود (نصف الحياة ) إلى تلك الغرفة المظلمة ...



فيتدحرج المــشــتــاق جسدعلى الأرضية منهكا .. وها هو الجوري قد بدأ بأسئلته التي ستجد إجابات كبيرة وكثيرة ...!!


إلى حلقتنا القادمة لا تبتعدوا كثيرا


انــااخوكــم قــاطــع اشــأره>>>><<<<نسيت قصدي ::المــشــتــاق::

-------------------------------------------------------------------------------
مرحبا بكم في الفصل الاخير
الجوري : هل تنفست الصعداء الآن ....؟؟؟ هل لي أن أبدأ معك المسائلة ...؟؟

المــشــتــاق : قد تنفس الصبح .. فأنا مضطر لتنفس الصعداء ..؟؟ سل ما شئت ..؟؟

الجوري : من أنت بحق الجحيم ..؟؟

المــشــتــاق: رجل

الجوري : بل دادا

المــشــتــاق : دادا وما المانع ..؟؟



الجوري : هل أنت مجنون ....؟؟

المــشــتــاق : قد أكون

الجوري : لم أنت عنيد هكذا ...؟؟

: المــشــتــاق :ما خلقت إلا لاكون عنيدا ...

الجوري : حسنا قل لي ما مشكلتك ..؟؟ ما قضيتك ..؟؟

المــشــتــاق : لا توجد لدي أي مشكلة أو قضية ....

الجوري : ولم عسعسة الليل وتنفيسة الصباح ..؟؟

المــشــتــاق : لأنها الوحيدة التي تستمع إلى ...!!



الجوري : ولماذا انت حزين هكذا ... ومكتئب ..؟؟

المــشــتــاق : ولماذا لا أكون هكذا ...؟؟

الجوري : لأنك يجب أن تكون الشخص الذي عرفناك في واقعنا

: هذا واقعكم .. ولكن أنا مع نفسي شخص آخر ...

الجوري : ولماذا ..؟؟

تــشــتــأق: لأنني رضيت أن أكون هكذا ... رجل بلا روح وبلا قلب ولا رحمة مع نفسه ..

الجوري : على النقيض مع غيرك ...!!

تــشــتــأق : تماما ... أخلق لنفسي شكلا غير ما عرفت به ... لا أستطيع أن اخدع نفسي بينما باستطاعتي أن اخدع الناس جميعا

الجوري : وما حقيقتك ...؟؟ هات من الأول ... لماذا أنت هكذا ...؟؟ أفتح قلبك لي يا صديقي ..؟؟

تــشــتــأق : ليس لدي حقيقة ... ولا أستطيع التكلم أكثر من دقيقة

تــشــتــأق: حسنا هل ستذهب الآن ....!!

تــشــتــأق: نعم لدي عمل سوف أقوم به ... لا تشغل بالك بي .. الغرفة هي ملك لك ...!!



تــشــتــأق

يخرج من باب الغرفة .. لتطل بعضا من إشعاعات الشمس التي غابت عن سماء الغرفة كثيرا ....





الجوري : يحاول استنهاض الغرفة .. يناشد الجميع أن يخرجوا من صومعتهم .. يناهض ويناهض ... لتستجيب له المكنسة فتخرج عن طورها وتتكلم وتعمل .. وها هي الحركة تدب وسط تلك الغرفة .. وشيئا فشيئا تحرك أحد الكتب الكثيرة والمتراكمة لينفض عن نفسه غبار الزمن .. فيختار لنفسه مكانا رائعا يتبوأ فيه في وسط المكتبة ... وشيئا فشيئا بدأت الأشياء تتحرك وتحاول الإفراج عن نفسها من سجنها المؤبد الذي ظلت حبيسة فيه طوال تلك الفترة



يا لجمال الغرفة .... لقد ظهرت فاتنة جميلة بأحلى وأجمل هيئة ...






(( أطال الله في عمرك أيها الجوري ))

تلك الكلمات استوطنت ارجاء الغرفة وعم بها المكان فجميع من في الغرفة أصبح يصرخ بها .. كل الأشياء تحمل فوق رأسها ذلك الجوري ....


وفي فترة الظهر .. يعود تــشــتــاق إلى صومعة الغرفة وهو يلحظ شيئا جديدا

فتح الباب ........!!! مندهشا ... ؟؟؟

لنكمل في الحلقة القادمة

تقبلو اجمل التحيات مني اخوكم تـــشـــاق
وارجــــــو ان تحوز على رضاكم <<>><<>>

كراش
07-22-2008, 07:29 PM
مشكوووووووووووور وتقبل مروري

تــشـتـــاق
07-23-2008, 09:00 AM
مشكور اخوي كراش

محمد<موعود
07-25-2008, 12:15 AM
يسلـمو علي الخاطرة روعه مانسجت آناملك يالغـلا(111)
تحياتي لكـ
دمت بخيـر

تــشـتـــاق
07-28-2008, 02:42 AM
تسلم اخوي محمد على المرور
نورت الصفحه بمرورك