مشاهدة النسخة كاملة : مرض العشق


أمـــــير الذوق
03-12-2008, 04:29 AM
لمحة تاريخية عن مرض العشق:
اعتبر العشق على أنه شكل مفرط من أشكال المحبة. وفي الوقت الذي ينظر فيه إلى الحب على أنه أسمى عاطفة يتحلى بها الإنسان، فقد اعتبر العشق أنه عبارة عن حالة مرضية تحدث نتيجة للمغالاة الشديدة في الحب، مما ينعكس ذلك بآثار سلبية على شخصية العاشق تتظاهر باضطرابات جسمية، فضلا على الاضطرابات السلوكية والتي كثيرا ما تدفع الشخص المصاب لأن يرتكب تصرفات غير عقلانية.
لقد عالج الأدباء العرب ومنهم الشعراء هذا الموضوع في شعرهم الغزلي بشكل خاص، واعتبره الكثير منهم بأنه المرض الذي لا يرجى شفاؤه. من ذلك مثلا قول ابن الفارض:

وضع الآســي بصدري كفه قال مالــي حيلة في ذا الهوي

ومن ذلك أيضا ما تذكره كتب الأدب عن محاورة جرت بين مصاب بالعشق ينشد علاجا لعشقه وأحد الشعراء يسديه النصيحة:
أيا معشـر العشـاق بالله خبروا إذا حل عشـق بالفتى ما يصنع
يداري هــواه ثم يكتم ســره ويخشـع في كل الأمور ويخضع
وكيف يداري والهوى قاتـل الفتى وفـي كل يـوم قلبـه يتقطع
فإن لم يجد صبرا لكتمان ســره فليس له ســوى الموت ينفع
ســـمعنا أطـعنا ثم متنا فبلغوا سـلامي لمن كان للوصل يمنع
في حين أن الأطباء المسلمين القدامى، وعلى نحو مخالف للشعراء، قد نظروا إلى هذا المرض على أنه حالة مرضية كغيره من الأمراض العصبية أو النفسية كالصرع والصداع والسوداء له أسبابه المرضية وعلاماته وأعراضه وعلاجه. فأفاضوا في شرحه موضحين أن لهذا المرض علاجات مختلفة تطبق حسب حالة المريض وحسب درجة ثقافته، بالإضافة لطبيعة الظروف المحيطة به.
ولعل أول من تكلم في مرض العشق من الأطباء هو الطبيب اليوناني أبقراط Hypocrites والملقب بأبي الطب. حيث قال واصفا إياه: "العشق طمع يتولد في القلب وتجتمع فيه مواد من الحس. فكلما قوي ازداد صاحبه في الاهتياج واللجاج وشدة القلق وكثرة السهر. وعند ذلك يكون احتراق الدم واستحالته إلى السوداء، ومن طغيان السوداء وفساد الفكر يكون الفدامة ونقصان العقل، ورجاء ما لم يكن وتمني ما لم يتم حتى يؤدي ذلك إلى الجنون. فحينئذ ربما قتل العاشق نفسه، وربما مات غما. وربما وصل إلى معشوقه فيموت فرحا أو أسفا. وأنت ترى العاشق إذا سمع بذكر من يحب كيف يهرب دمه ويستحيل لونه. وزوال ذلك عمن هذه حالته بلطف من رب العالمين، لا بتدبير الآدميين".
وقد وصف جالينوس Galen هذا المرض بقوله: "العشق استحسان ينضاف إليه طمع، والعشق من قِبَل النفس، وهي كامنة في الدماغ والقلب والكبد. والعاشق يمتنع عن الطعام والشراب لاشتغال الكبد، وعن النوم لاشتغال الدماغ بالتخيل وذكر المعشوق والتفكير فيه، فتكون جميع مساكن النفس قد اشتغلت فيه. فمتى لم تشتغل فيه وقت الفراق لم يكن عاشقا".

أسباب مرض العشق:
يقول ابن سينا في ذكر أسباب هذا المرض: "هذا مرض وسواسي شبيه بالمالينخوليا Melancholy ، يكون الإنسان قد جلبه إلى نفسه بتسليط فكرته على استحسان بعض الصور والشمايل التي له، سواء أعانته على ذلك شهوته أم لم تعنه".

وقد أضاف بعضهم إلى ذلك بأن هذا المرض يعتري العزاب والبطالين من أهل الرعاع. ويتحدث ابن هبل البغدادي عن آلية حدوث هذا المرض فيقول: "العشق مرض يعرض من إدامة الفكر في استحسان بعض الصور الحاصلة في الخيال وإدامة النظر إليها وتحريك النفس شوقا إلى استحضار ما هي مثاله، ويساعد على ذلك الحركات الشهوانية فيعرض من ذلك شيء من الجفاف واليبس المؤدي إلى المالينخوليا". من حديث البغدادي يمكن لنا أن نفسر لماذا أتى مرض العشق بعد مرض المالينخوليا في المؤلفات الطبية العربية القديمة.
الأعراض والعلامات:
أجمل سبط المارديني في مخطوطته الطبية المسماة الرسالة الشهابية في الصناعة الطبية أعراض وعلامات مرض العشق قائلا: "وعلامته غؤور العينين وجفافهما إلا عند البكاء، وغلظ الجفن من كثرة السهر والأبخرة المتصاعدة إليه. ويعرف معشوقه بوضع اليد على نبضه وذكر أسماء وصفات، فإذا اختلف النبض عرف أنه هو ".
لقد أجمع أكثر الأطباء العرب المسلمون الذين تحدثوا عن مرض العشق أن اضطراب النبض هو من العلامات الهامة لتشخيص مرض العشق بل وحتى معرفة هوية المعشوق. ومرد ذلك يعود إلى حكاية تروى عن ابن سينا والذي ألف رسالة في العشق كتبها لابن عبد الله الفقيه.

يمكن تلخيص أعراض وعلامات مرض العشق كما ذكرها الأطباء المسلمون القدامى:
النحول – قلة الشهية – غؤور العين مع سماكة الجفن – حب العزلة مع الاسترداد وكثرة الصعداء – اضطراب النبض وخاصة تسرعه لدى ذكر المعشوق أو أي شيء يتصل به.
لقد أجمع الأطباء العرب المسلمون الذين تحدثوا عن مرض العشق أن أفضل وأنجع علاج لهذا المرض هو الجمع بين العاشق والمعشوق وذلك على نحو تبيحه الشريعة
مقومات علاج مرض العشق على النحو التالي:
أولا- محاولة الجمع بين العاشق والمعشوق بالزواج إن أمكن، وفي ذلك يقول ابن هبل البغدادي: "العلاج لاشيء أنفع من الجمع بين العاشق ومعشوقه على وجه تبيحه الشريعة، فإنه يصلح ويبرأ. وإن لم يكن فالنظر من بعيد، وإلا فالتسويف".
ويوضح ابن سينا هذه الحقيقة بقوله: "ثم إن لم تجد علاجا إلا تدبير الجمع بينهما على نحو يبيحه الدين والشريعة فعلت، وقد رأينا من عاودته السلامة والقوة، وعاد إلى لحمه. وكان قد بلغ الذبول وجاوزه، وقاسى الأمراض الصعبة المزمنة والحميات الطويلة بسبب ضعف القوة لشدة العشق. ولما أحس بوصل من معشوقه بعد مطل معاودة في أقصر مدة قضينا به العجب، واستدللنا على طاعة الطبيعة لأوهام النفس".
ثانيا- نصح العاشق وتعنيفه على أفعاله إذا كان من العقلاء. يقول ابن سينا أيضا: "وإن كان العاشق من العقلاء فإن النصيحة والعظة له والاستهزاء به وتعنيفه والتصوير لديه أن ما به إنما هو وسوسة وضرب من الجنون، مما ينفع نفعه، فإن الكلام ناجع في مثل هذا الباب".
ثالثا- إشغال العاشق ببعض العلوم العقلية ومجالس أهل الفضل، أو إشغاله ببعض الأمور الدنيوية الأخرى التي تصرف تفكير العشق عن كثرة التفكير بمعشوقه. وقد تفنن الأطباء العرب في هذا المجال بابتكار الوسائل التي من شأنها أن تحقق هذا الغرض. فمن هذه الأمور ذكروا:
1-إشغال المريض ببعض العلوم العقلية ومجالس أهل الفضل، وذلك إذا كان ممن عنده الاستعداد لذلك. وإذا كان من المتدينين فيمكن تسليته بأخبار الزهاد والعباد والمساكين.
2- إذا كان العاشق صاحب صنعة أو عمل أو شغل ألزم بعمله أو شغله فلا شيء أضر عليه من البطالة والفراغ.
3- طول السفر عن مكان إقامة المعشوق، حيث أن ذلك مما يولد النسيان مع مرور الزمن.
4- ذكر بعض الأطباء –كابن سينا- أنه من الناس يسليه الطرب والسماع، ومنهم من يزيد ذلك من غرامه، ويمكن أن يتعرف ذلك.
5- مما ينفع هؤلاء أيضا مجالس السرور واللهو والفرح، والتنزه وكثرة النظر إلى القمر. وهذه كلها اعتبرت من الأمور التي تصرف تفكير العاشق عن معشوقه.
رابعا- إفراغ المرة السوداء من الجسم والقضاء على مفاعلاتها السلبية في الجسد، وذلك بالتجفيف والتبريد. لذلك نصح الرازي بكثرة الاغتسال بالماء البارد، وحذّر من الأشياء الحارة من الأدوية والأغذية. وكذلك نصح بالنوم في الأماكن الباردة.
خامسا- الميل لتناول بعض الأغذية التي لها صفة التبريد مثل الرايب الحامض والبطيخ والقثاء والبقلة وغيرها من الأطعمة التي تساعد على استفراغ المرة السوداء وبالتالي تحقق غاية التبريد.
سادسا- أخيرا فقد نصح بعض الأطباء لمعالجة هذا المرض بأن تسلط بعض العجائز على العاشق، بحيث يجتهدن في أن ينقلن هوى العاشق إلى غير ذلك المعشوق بالتدريج، ثم يقطعن صنيعهن قبل أن يتمكن الهوى الثاني.
مرض العشق والطب الحديث:
في نهاية هذا البحث لابد لي من أن أشير إلى مرض العشق من الوجهة الطبية الحديثة. فقد يتساءل البعض لماذا لا تبحث المؤلفات الطبية الحديثة ولاسيما كتب الطب النفسي ما سمي قديما بمرض العشق؟
للجواب على ذلك لابد لنا أن نعلم أن مرض العشق يمكن أن نعبر عنه حاليا على أنه شكل من أشكال الشدة العاطفية Emotional stress التي يخضع لها المريض. وهذه الشدة العاطفية وبحسب درجاتها قد ينجم عنها مرضيات نفسية مختلفة وذلك حسب شخصية المريض وخلفيته الاجتماعية وظروفه المحيطة به، فضلا عن استعداده الشخصي. فبعض الذين يخضعون لشدة عاطفية شديدة قد يصابون بعصاب القلق Anxiety neurosis، ومنهم من يصاب بحالة الإرتكاس الهمودي Reactive depression ، كما قد يصاب بعض المرضى الذين عندهم أصلا شخصية شبه فصامية بحالات فصام Schizophrenia صريحة، كما هو الحال في الفصام الشبابي أو ما يسمى بفصام المراهقة. من ذلك نستنتج أن ما كان يعرف بمرض العشق هو عبارة عن أحد أشكال الشدة العاطفية التي قد تؤدي لحدوث اضطرابات نفسية خطيرة يمكن لها أن تؤدي في بعض الأحيان لحدوث خطر الانتحار، وخاصة عند الذين أصيبوا بحالة الهمود الإرتكاسي.

أجمل أغنية في العشق من وجهة نظري : ميادة الحناوي أنا بعشقك
أخــــــــــوكم
أمـــــير الذووق

مـجـنـون
03-12-2008, 08:15 AM
مووضوع رائعة

ربى لا يحرمنا جديدك

تقبل مرورى

الكوخ الحزين
03-12-2008, 03:30 PM
رائع يعطيك العافيه

تقبل مروري/فروسه

هيثم السالم
03-12-2008, 03:35 PM
شكرا اخي على الموضوع الرائع

أمـــــير الذوق
03-13-2008, 01:00 AM
مووضوع رائعة

ربى لا يحرمنا جديدك

تقبل مرورى

مجنون مشكووووور ع المرررررور العطر وماننحرم طلتك يالغلاااااا
أخــــــــــــــوك
أمـــــــير الذوق

أمـــــير الذوق
03-13-2008, 01:01 AM
رائع يعطيك العافيه

تقبل مروري/فروسه

فررررررررررررررروسه مشكوره ع المررررررررور العطر والمميزز ومنوره الصفحة يالغلااااااا
أخــــــــــــــوك
أمـــــــــير الذوق

أمـــــير الذوق
03-13-2008, 01:02 AM
شكرا اخي على الموضوع الرائع

هيثم مشكووووور يالغلااااااااا ع المرررررررررور الرااااااائع وماننحرم طلتك يالغلااااا
أخــــــــــوك
أمــــــــــير الذوق

جــjrooh ــروح
03-14-2008, 03:57 AM
فإن لم يجد صبرا لكتمان ســره فليس له ســوى الموت ينفع

كل مرض له دوى الا الهوى

بصرااحه قمة الروووووووووووعه

موضوع حلو خيووووووو

يعطيك العااافيه

وتسلم يدك ع الشرح

جوجو

أمـــــير الذوق
03-14-2008, 04:54 AM
فإن لم يجد صبرا لكتمان ســره فليس له ســوى الموت ينفع

كل مرض له دوى الا الهوى

بصرااحه قمة الروووووووووووعه

موضوع حلو خيووووووو

يعطيك العااافيه

وتسلم يدك ع الشرح

جوجو

جوجو مشكورررررررررره ع المررررررررور الراااااااائع يالغلااااااااااااااا
وماااااااااااااااااااااننحررررررررررررم طلتك قلبوووووووو
أخــــــــــــــــوك المحب
أمـــــــــــــــير الذوق