هيثم السالم
02-20-2008, 03:26 PM
................كانت تنظر اليه من بين الاغصان والورق ، تبحث عنه بين نوافذها الضوئية ، هو صديقها الصغير ..... ماذا يفعل ومالذي يشغله عنها..... مسح جبينه بساعده ، فلمحها تغازله ، فابتسم لها وقال لها ياشمس يا شموسه ياللي في السما محبوسه بدي اعمل مرجوحة كبيره واطير فيها لعندك ، وبدأ يتسلق الشجرة ويربط الحبال على الغصن العالي، ويدليها ثم ربط الحبال بقاعده خشبية وبدأ يتمرجح واخذ ينشد ويضحك ، كان فرحاً بما صنعته يداه ومن شدة الفرحة ، وهو على ارتفاع ليس ببسيط انقلب من مرجوحته وسقط على الارض وبدأ الدم ينزف من رأسه وكان بكاؤه اعلى من مرجوحته ، ركضت امه واخوه ناصر اليه وحمله ناصر وضمه الى صدره واخذه مسرعا الى الطبيب ، كانت الاصابة بسيطه ، لكنه تعمد الاعياء وذلك ليحظى باهتمام اكبر من حبيبه ناصر ، هذا الشاب اللطيف، ناصر كان الاخ الثاني بعد محمد ، كان الاكثر تواجدا معه في البيت بسبب عطلته من اجل امتحانات الثانوي، كنت ابحث فيه عن ابي، ابي هذا المخلوق الذي احبه واحن اليه لكنني لا اجده ، كنت اختلس النظر الى ناصر وهو يدرس وهو يأكل وهو يشاهد التلفاز وهو يدخن وهو يلعب الرياضه ، كان يعجبني جدا ، شبوبيته واناقته كانت تسلب عقول الصبايا في حينا، كانت الفتايات يداعبنني من اجل الحديث معه وانا برفقته ، وعندما اكون وحيدا بالكاد يبتسمن لي!......كان قليل الكلام كثير التأمل ، يحب أشعار محمود درويش يكتبها على جدران غرفته، كنت اشعر في عيونه بالغربة، كانت امي تحبه جدا لانه مطيع وقليل الشكوة ، كانت تشتري له السجائر سراً، وترجوه ان لا يدخن، كم انت دافئة يا أمي،كانت تطلب من اخواتي ان يصنعن له القهوة وان لا يزعجنه ، كي لا يغيب مره اخرى عن البيت كانت تخشى عليه الرحيل مع صفوف الثوار كما كان يفعل احياناً ، كانت تنظر اليه وتبكي ، تشحن عيونها بصورته وتخاف ............، هو رجل هذا البيت في غياب ابي واخي محمد، محمد الرجل النبيل ، التحق بالثورة بعد ما انهى الثانوية ثم ابتعث الى اليمن لدراسة العلوم العسكريه كان اصغر الثوار سنا في تلك الكلية الحربية وكان اشجعهم ، كنت استمتع وأمي تروي عنه حكايات البطولة لجاراتنا كانت تهز رأسها وهي تتكلم فخرا بهذا الشبل، كنت اشتاق له كثيراً لانه وبصراحه كان حنونا جداً وكريماً، كان يشتري لي الايمه ( البوظه) انا واصدقائي جميعا في الحي، وعندما يمر بائع الايمه ويسمع الاولاد صوت موسيقى عربته قد اقتربت،كانو يقرعو باب بيتنا وينادو على اخي محمد كي يشتري لهم ، كان كل الاطفال يحبونه ويحسدونني طبعا لانه اخي انا ، كنت سعيدا به، كان خجولا وكان يتحاشا الفتيات ، على عكس ناصر الذي كان يستمتع بتلويع قلوبهن، محمد وناصر هما الاقرب الى قلبي دوما ولا استطيع ان ارفض لهما طلبا ، واجد عندهما الحكمة والرأي السديد والحب والحنان .