الشارد
01-04-2008, 07:56 AM
هذا الموضوع منقول عن الدكتور محمد يحي والله العظيم موضوع يسحق القراءه لان فعلا هذا الرجل رائع
فجأة أصبح مصطلح "الإتجار بالبشر" من المصطلحات المنتشرة إعلامياً.. حيث تغطي وسائل الإعلام الكثير من المؤتمرات الدولية والإقليمية والمحلية التي تعقد هنا وهناك والكثير من الخطط والقوانين التي توضع لمواجهة هذه الظاهرة التي لايكاد أحد على كثرة الحديث عنها يتناولها بالشرح ليوضح للناس ماهيتها وأبعادها والمسئولين عنها والأسباب الخفية والظاهرة لها رغم أنها تحولت الى الشغل الشاغل والموضة التي تتناولها أجهزة الإعلام وتنشغل بها بعض النخب المتحذلقة والمهتمة بالشكل وحب الظهور أكثر من إهتمامها بحقيقة المشاكل.
ولهذا المصطلح في التاريخ الإعلامي القريب سوابق لم يلتفت إليها الكثيرون وكان أشهرها هو الحديث حول ما أسمي بعودة الرق والعبودية. وكان هذا الحديث يجري من جانب الإعلام الغربي على وجه التحديد ويوجه ضد دول عربية وإسلامية معينة مثل السودان والسعودية ودول الخليج. وفي ذلك الوقت منذ حوالي العقدين كان للحديث حول عودة الرق أو العبودية أهداف واضحة تتلخص في الدعاية المضادة للتجارب الإسلامية المتعددة والمتنامية في السودان ولنشاطات الدعوة الإسلامية التي كانت دول الخليج تقوم بها أو يقال أنها تقوم بها في إفريقيا. وفي هذا السياق بالتحديد ظهر الحديث حول عودة الرق والعبودية مع تسليط الضوء على الأفارقة بإعتبارهم هم الذين يباعون ويشترون عبيداً من جانب تجار من العرب المسلمين لكي يعملوا بعد ذلك أرقاء مملوكين للعرب المسلمين في السودان (شمال السودان) وفي بلدان الخليج.
كان هذا هو الأساس الأصلي الذي انطلق منه الحديث حول الاتجار بالبشر ومازال. ولكن لأن هذا الأساس كان بادي العنصرية والتعصب والزيف فقد حاول البعض تغطيته بالحديث عن مفهوم أوسع من الرق والعبودية.. وهنا بدأ مصطلح الإتجار بالبشر يظهر. ولكن كان وراء ظهور هذا المصطلح الأخير أسباب أخرى أكثر أهمية.. فكنوع من العقاب الإلهي، وعقب بل وحتى خلال الحديث عن استعباد العرب المسلمين للأفارقة السود ظهرت حقائق مروعة حول ما يعرف بالرقيق الأبيض من خلال شبكات واسعة للدعارة في أوروبا وأمريكا تستخدم النساء القادمات لظروف معيشية من شرق أوروبا وروسيا وآسيا وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط وافريقيا ذاتها. كما تفجرت في الوقت نفسه قضية الدعارة والإباحية والفجور الذي يقع ضحيته الأطفال في أوروبا وأمريكا والذي لايتضمن فقط الدعارة بالمفهوم التجاري المعروف ولكن يتضمن كذلك قيام الكبار من المسئولين عن الأطفال في الكنائس والملاجئ والمدارس وغيرها بالإعتداء على الأطفال مما تسبب في فضائح وتوترات وتصدع رهيب الأثر في المجتمعات الغربية التي كانت حتى وقتها تعظ وتستعيذ وتشمئز من الممارسات الاسترقاقية المزعومة للعرب المسلمين.
ولم يقتصر الأمر على ذلك بل تفجرت قضايا سرقة وشراء أعداد كبيرة من الأطفال من دول العالم الثالث وبيعهم في أوروبا وأمريكا تحت مسمى التبني والخدمة في البيوت وطال هذا الأمر الأخير الكبار من أبناء آسيا وافريقيا ولاسيما النساء. وفي النهاية تفجرت ومازالت قضية هجرة الآلاف المؤلفة من الأفراد من افريقيا بالذات الى دول أوروبا بحثاً عن لقمة خبز هزيلة من خلال أعمال حقيرة منها العبودية والدعارة.
وازاء كل هذه التطورات إنعكس الأمر تماماً وفقد مصطلح الرق الحديث أو عبودية الأفارقة بالشراء للعرب والمسلمين معناه بالكامل وكان لابد من ظهور مصطلح جديد يغطي على ماظهر من تطورات في الغرب ذاته هي أبشع من العبودية ولكنه يمكن الغربيين في نفس الوقت من الاحتفاظ بالمعنى الأولي مدفوناً وكامناً داخل المصطلح الجديد وهو "الاتجار بالبشر".
ومع رواج المصطلح في الإعلام وفق الخلفيات التي ذكرناها تحول الى مجرد مضغة في أفواه البعض من طالبي الشهرة والوجاهة الاجتماعية من خلال التشدق بقضايا توهم الإهتمام بعذابات الانسانية. غير أن كل هذا الحديث المصطنع والزائف لن يكشف أعماق تلك الظاهرة كما أن كل الحلول المقترحة من خلال القوانين المانعة والمؤثمة لما يسمى الإتجار بالبشر لن تفلح في وقف هذه الظاهرة بل قد تؤدي الى تحفيزها أكثر. ذلك لأن الإتجار بالبشر في مظاهره المعاصرة التي تتراوح من تجارة الجنس الى سرقة الأطفال والنساء لتوريدهم الى الغرب (وأكرر الغرب وليس العالم الإسلامي وفن الخرافة التي يرددها الغربيون ليبعدوا الشك عن أنفسهم) حيث يستغلون في التبني أو الخدمة – كل هذه الجوانب للظاهرة هي جزء لا يتجزأ من البنية الأساسية والكيان الفكري والقيمي للرأسمالية التي تفرض الآن على جميع أنحاء العالم بإعتبارها الخيار الوحيد الممكن للإنسانية كلها.
إن الرأسمالية منذ نشأتها وحتى الآن هي معادية للإنسان وكل القيم والمقومات التي تجعل منه إنساناً.. فهي تضفي وتفرض عليه طابع الشيئية والسلعية مجردة إياه من الروح والقيم بفضل العلمنة المادية التي تقوم عليها هي. فمنذ البداية أغرق الطابع المادي الشيئي الرأسمالية التي لم تر في الإنسان إلا المنتج والمستهلك للأشياء المادية (وليس مجرد الغذاء). والرأسمالية هي التي جعلت الإنسان مقوماً بهذا الطابع المادي الصرف. فلاقيمة له إلا بدوره في عملية الإنتاج والإستهلاك والربح والتراكم المادي الناتج عنها. وفوق هذا فالإنسانية في غالبها – أو ما كان حتى وقت قريب يسمى بالطبقة العاملة – ليس لها تعريف أو وجود ذو معنى إلا من حيث هي تمثل عمالة رخيصة في تروس الآلة الرأسمالية الضخمة، ولا معنى لوجود القيادة أو الزعامة أو السلطة إلا للفئة القليلة التي تمثل أصحاب المال ومن يلحق بهم من دعاة المذهب ومبرريه ومديريه.
في ظل هذا المبدأ العام من الشيئية والسلعية الذي يسري في كل جوانب الحياة في الغرب في البداية ثم الآن في جميع أنحاء العالم تحت مسمى العولمة والنظام العالمي الجديد يصبح الإتجار بالبشر هو الوضع الطبيعي والمنطقي والنتيجة المحتومة للنظام وليس مجرد إنحراف يمكن أن يعالج من خلال جلسات الصالونات التي تنظمها بعض طالبات الزعامة.
فإذا كان البشر قد تحولوا في ظل المادية الى أشياء وسلع يبيعون قوة عملهم لقاء الثمن الزهيد فمن الطبيعي جداً أن يباع الجسد نفسه من خلال الدعارة بأشكالها، ومن الطبيعي والمنطقي كذلك أن تباع قوة العمل بأزهد الأسعار أو بدون سعر كذلك في ظل عملية الإفقار الرهيبة التي تتعرض لها الغالبية العظمى من البشر.
وهكذا فإن طوفان البشر الفقراء الذي يتدفق على أوروبا الآن وأمريكا من خلال جنوبها والذي يستغله السماسرة ويلاقي الكثير منه الموت والضياع بسبب مخاطر الرحلة، لا يمكن أن يندرج تحت مسمى هزيل إسمه الإتجار بالبشر، بل هو يندرج تحت مسمى أكبر وأخطر هو مسمى أثر الرأسمالية والعولمة على البشرية كلها. وعلاج مايسمى بالإتجار بالبشر ليس هو بعض قوانين المنع والحظر هنا وهناك فهذا لن يفعل شيئاً سوى خدمة النظام الرأسمالي نفسه بالعلاج السطحي لبعض مظاهره دون الدخول الى قلب الظاهرة وهي تقع في هيكل النظام الرأسمالي وفي جوهره.
إن النظام القائم على تشييء وتسليع وتحقير وتسطيح البشر وإفقارهم الروح والقيم لايمكن أن يقوم هو نفسه بعلاج مايسميه بالإتجار بالبشر وهو نتاجه الإصيل وثمرته الوحيدة.
مع تحياتى
اخوكم فى الله
الشــــــارد
فجأة أصبح مصطلح "الإتجار بالبشر" من المصطلحات المنتشرة إعلامياً.. حيث تغطي وسائل الإعلام الكثير من المؤتمرات الدولية والإقليمية والمحلية التي تعقد هنا وهناك والكثير من الخطط والقوانين التي توضع لمواجهة هذه الظاهرة التي لايكاد أحد على كثرة الحديث عنها يتناولها بالشرح ليوضح للناس ماهيتها وأبعادها والمسئولين عنها والأسباب الخفية والظاهرة لها رغم أنها تحولت الى الشغل الشاغل والموضة التي تتناولها أجهزة الإعلام وتنشغل بها بعض النخب المتحذلقة والمهتمة بالشكل وحب الظهور أكثر من إهتمامها بحقيقة المشاكل.
ولهذا المصطلح في التاريخ الإعلامي القريب سوابق لم يلتفت إليها الكثيرون وكان أشهرها هو الحديث حول ما أسمي بعودة الرق والعبودية. وكان هذا الحديث يجري من جانب الإعلام الغربي على وجه التحديد ويوجه ضد دول عربية وإسلامية معينة مثل السودان والسعودية ودول الخليج. وفي ذلك الوقت منذ حوالي العقدين كان للحديث حول عودة الرق أو العبودية أهداف واضحة تتلخص في الدعاية المضادة للتجارب الإسلامية المتعددة والمتنامية في السودان ولنشاطات الدعوة الإسلامية التي كانت دول الخليج تقوم بها أو يقال أنها تقوم بها في إفريقيا. وفي هذا السياق بالتحديد ظهر الحديث حول عودة الرق والعبودية مع تسليط الضوء على الأفارقة بإعتبارهم هم الذين يباعون ويشترون عبيداً من جانب تجار من العرب المسلمين لكي يعملوا بعد ذلك أرقاء مملوكين للعرب المسلمين في السودان (شمال السودان) وفي بلدان الخليج.
كان هذا هو الأساس الأصلي الذي انطلق منه الحديث حول الاتجار بالبشر ومازال. ولكن لأن هذا الأساس كان بادي العنصرية والتعصب والزيف فقد حاول البعض تغطيته بالحديث عن مفهوم أوسع من الرق والعبودية.. وهنا بدأ مصطلح الإتجار بالبشر يظهر. ولكن كان وراء ظهور هذا المصطلح الأخير أسباب أخرى أكثر أهمية.. فكنوع من العقاب الإلهي، وعقب بل وحتى خلال الحديث عن استعباد العرب المسلمين للأفارقة السود ظهرت حقائق مروعة حول ما يعرف بالرقيق الأبيض من خلال شبكات واسعة للدعارة في أوروبا وأمريكا تستخدم النساء القادمات لظروف معيشية من شرق أوروبا وروسيا وآسيا وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط وافريقيا ذاتها. كما تفجرت في الوقت نفسه قضية الدعارة والإباحية والفجور الذي يقع ضحيته الأطفال في أوروبا وأمريكا والذي لايتضمن فقط الدعارة بالمفهوم التجاري المعروف ولكن يتضمن كذلك قيام الكبار من المسئولين عن الأطفال في الكنائس والملاجئ والمدارس وغيرها بالإعتداء على الأطفال مما تسبب في فضائح وتوترات وتصدع رهيب الأثر في المجتمعات الغربية التي كانت حتى وقتها تعظ وتستعيذ وتشمئز من الممارسات الاسترقاقية المزعومة للعرب المسلمين.
ولم يقتصر الأمر على ذلك بل تفجرت قضايا سرقة وشراء أعداد كبيرة من الأطفال من دول العالم الثالث وبيعهم في أوروبا وأمريكا تحت مسمى التبني والخدمة في البيوت وطال هذا الأمر الأخير الكبار من أبناء آسيا وافريقيا ولاسيما النساء. وفي النهاية تفجرت ومازالت قضية هجرة الآلاف المؤلفة من الأفراد من افريقيا بالذات الى دول أوروبا بحثاً عن لقمة خبز هزيلة من خلال أعمال حقيرة منها العبودية والدعارة.
وازاء كل هذه التطورات إنعكس الأمر تماماً وفقد مصطلح الرق الحديث أو عبودية الأفارقة بالشراء للعرب والمسلمين معناه بالكامل وكان لابد من ظهور مصطلح جديد يغطي على ماظهر من تطورات في الغرب ذاته هي أبشع من العبودية ولكنه يمكن الغربيين في نفس الوقت من الاحتفاظ بالمعنى الأولي مدفوناً وكامناً داخل المصطلح الجديد وهو "الاتجار بالبشر".
ومع رواج المصطلح في الإعلام وفق الخلفيات التي ذكرناها تحول الى مجرد مضغة في أفواه البعض من طالبي الشهرة والوجاهة الاجتماعية من خلال التشدق بقضايا توهم الإهتمام بعذابات الانسانية. غير أن كل هذا الحديث المصطنع والزائف لن يكشف أعماق تلك الظاهرة كما أن كل الحلول المقترحة من خلال القوانين المانعة والمؤثمة لما يسمى الإتجار بالبشر لن تفلح في وقف هذه الظاهرة بل قد تؤدي الى تحفيزها أكثر. ذلك لأن الإتجار بالبشر في مظاهره المعاصرة التي تتراوح من تجارة الجنس الى سرقة الأطفال والنساء لتوريدهم الى الغرب (وأكرر الغرب وليس العالم الإسلامي وفن الخرافة التي يرددها الغربيون ليبعدوا الشك عن أنفسهم) حيث يستغلون في التبني أو الخدمة – كل هذه الجوانب للظاهرة هي جزء لا يتجزأ من البنية الأساسية والكيان الفكري والقيمي للرأسمالية التي تفرض الآن على جميع أنحاء العالم بإعتبارها الخيار الوحيد الممكن للإنسانية كلها.
إن الرأسمالية منذ نشأتها وحتى الآن هي معادية للإنسان وكل القيم والمقومات التي تجعل منه إنساناً.. فهي تضفي وتفرض عليه طابع الشيئية والسلعية مجردة إياه من الروح والقيم بفضل العلمنة المادية التي تقوم عليها هي. فمنذ البداية أغرق الطابع المادي الشيئي الرأسمالية التي لم تر في الإنسان إلا المنتج والمستهلك للأشياء المادية (وليس مجرد الغذاء). والرأسمالية هي التي جعلت الإنسان مقوماً بهذا الطابع المادي الصرف. فلاقيمة له إلا بدوره في عملية الإنتاج والإستهلاك والربح والتراكم المادي الناتج عنها. وفوق هذا فالإنسانية في غالبها – أو ما كان حتى وقت قريب يسمى بالطبقة العاملة – ليس لها تعريف أو وجود ذو معنى إلا من حيث هي تمثل عمالة رخيصة في تروس الآلة الرأسمالية الضخمة، ولا معنى لوجود القيادة أو الزعامة أو السلطة إلا للفئة القليلة التي تمثل أصحاب المال ومن يلحق بهم من دعاة المذهب ومبرريه ومديريه.
في ظل هذا المبدأ العام من الشيئية والسلعية الذي يسري في كل جوانب الحياة في الغرب في البداية ثم الآن في جميع أنحاء العالم تحت مسمى العولمة والنظام العالمي الجديد يصبح الإتجار بالبشر هو الوضع الطبيعي والمنطقي والنتيجة المحتومة للنظام وليس مجرد إنحراف يمكن أن يعالج من خلال جلسات الصالونات التي تنظمها بعض طالبات الزعامة.
فإذا كان البشر قد تحولوا في ظل المادية الى أشياء وسلع يبيعون قوة عملهم لقاء الثمن الزهيد فمن الطبيعي جداً أن يباع الجسد نفسه من خلال الدعارة بأشكالها، ومن الطبيعي والمنطقي كذلك أن تباع قوة العمل بأزهد الأسعار أو بدون سعر كذلك في ظل عملية الإفقار الرهيبة التي تتعرض لها الغالبية العظمى من البشر.
وهكذا فإن طوفان البشر الفقراء الذي يتدفق على أوروبا الآن وأمريكا من خلال جنوبها والذي يستغله السماسرة ويلاقي الكثير منه الموت والضياع بسبب مخاطر الرحلة، لا يمكن أن يندرج تحت مسمى هزيل إسمه الإتجار بالبشر، بل هو يندرج تحت مسمى أكبر وأخطر هو مسمى أثر الرأسمالية والعولمة على البشرية كلها. وعلاج مايسمى بالإتجار بالبشر ليس هو بعض قوانين المنع والحظر هنا وهناك فهذا لن يفعل شيئاً سوى خدمة النظام الرأسمالي نفسه بالعلاج السطحي لبعض مظاهره دون الدخول الى قلب الظاهرة وهي تقع في هيكل النظام الرأسمالي وفي جوهره.
إن النظام القائم على تشييء وتسليع وتحقير وتسطيح البشر وإفقارهم الروح والقيم لايمكن أن يقوم هو نفسه بعلاج مايسميه بالإتجار بالبشر وهو نتاجه الإصيل وثمرته الوحيدة.
مع تحياتى
اخوكم فى الله
الشــــــارد