مشاهدة النسخة كاملة : مهه خاص:حفل زفاف تحول الى مئتم بسبب كلمة ggo


الذئب الشرس
11-28-2006, 05:31 AM
اسم البرنامج: مهمة خاصة
مقدم الحلقة: باسم الجمل
تاريخ الحلقة: الخميس 23-11-2006

باسم الجمل: في منتصف شهر يوليو من العام الماضي انقلب ميزان القدر بشكل مفاجئ ليرجح كفة الحزن على الفرح في حياة عائلة عراقية كانت متوجهة إلى منطقة الكبيسان في محافظة الأنبار لحضور حفل زفاف.




عرس وعزاء

هذه العائلة لم تكن تعلم الغيب وإلا لاستكثرت من الخير, ولما ذهبت إلى حفل زفاف سرعان ما تحول إلى مأتم بسبب كلمة واحدة go ومن هنا كانت البداية لنهاية تظل حزينة تحفر كلماتها في عمق الزمن العراقي المجروح.
الأسرة المنكوبة مرت في طريقها إلى حفل لم يتم بنقطة تفتيش أميركية قرب جسر الورار باتجاه بوابة المدينة الغربية, وكان القدر يخط اسمه بصمت رهيب، هذه النقطة الأميركية كانت قد تعرضت للتو إلى هجوم من قبل جماعة مسلحة عراقية لا تعرف الأسرة المنكوبة عنها شيئاً، أما رب هذه الأسرة المفجوعة فقد كان خارج العراق يبحث عن رزق لهم عز في بلده.
إبراهيم محمد: قبل الحادث بيومين اتصلوا بي وأنا كنت في عمان, وقالوا نود أن نخبرك بأننا سوف نذهب لحضور حفلة زفاف خالنا المدعو بشار في مدينة كبيسة فقلت ما فيه مانع, بس أود أن يكون ذهابكم يوم الأربعاء وتحضروا العرس الخميس وترجعوا الجمعة, ولكن إرادة الله فوق إرادة كل شيء ذهبوا يوم الثلاثاء صباحاً اتصلوا بي صباحاً في ذلك اليوم فقلت لهم توكلوا على الله.
باسم الجمل: عائلة الحاج إبراهيم الكبيسي كأي عائلة عراقية تبحث عن فرح لم يأتِ بعده أم كانت تخطط لفرح بناتها التسع وشقيقها مروا عبر بوابة الموت متجهين جميعا ًإلى العرس الموعود, فأوقفهم الأميركيون نحو الساعة قبل أن تخرج كلمة go من فم أحد الجنود إشارة إلى أن يرحلوا, مضت الأسرة في سبيلها تحث الخطى إلى موت قادم, وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت.
إبراهيم الكبيسي: خالهم كان السائق لم يكن هناك التباس, إلا أن الأميركي حسب قول بناتي المتبقين يعني على قيد الحياة أخبروني على أنهم كان متردداً بالخروج إلى خارج مدينة الرمادي أو الرجوع, فقال لهم الأميركي بالعبارة: go, go هم متوجهين وين go اذهب يذهبون إلى أين ما قال back ارجع قال go يعني ذهاب, فأثناء ذهابهم من بداية الجسر إلى متوجهين إلى مدينة كبيس ما هي إلا عشر مترات وبدأت القوات الأميركية المتغطرسة الإرهابية بقتل من قتلوا وأصابوا من أصابوا.
آلاء إبراهيم: وصلنا الجسر وقفنا, خالي قال أخاف يضربونا وقف, فصاح واحد من عندهم قال امشي امشي مشينا ما كو خطوة خطوتين وضربونا القوات الأميركية اللي كانت على الجسر.
علياء إبراهيم: الجنود الأميركان يعني نزلوا خالي فلاح قال يعني صيح إسعاف فيجي مثل الكيس الأسود لقحونا ياه ما أخذناه كنا نخاف إنه يموتنا خفنا فيعني بعدين هم يعني جوا جنود هواية جوا يعني ما أدري من وين جابوا بسيارات وبدباباتهم.
باسم الجمل: سيارة أوبل بركابها العشر عبرت الحاجز لأقل ببضعة أمتار وليس إلا, وإذا بالنيران تفتح عليها وكأن الحرب اندلعت بين متحاربين جيشاً ومسلحين, بينما ما جرى لم يكن إلا أسرة عزلاء تتجه إلى حتفها, ورصاص أميركي يحصد نفوساً بريئة يتربص بأفرادها من الخلف قتلاً عمداً مع سبق الإصرار والترصد.
علياء إبراهيم: بعدين ما سمعنا إلا إطلاق النار يعني ما ندري أي جهة صارت تضرب علينا.
باسم الجمل: المغدورون لم يكونوا سوى الأم سليمة وبناتها شيماء اثنا عشر ربيعاً، إسراء تسعة أقمار, رجاء وكواكبها الأربع فاطمة بسنيها الثلاث فيصبح الجمع 5 ضحايا أثناء الواقعة, والتحقت بهم اثنتان بعد إصابتهم مع المتبقيات بجروح خطيرة.
علياء إبراهيم: أخذونا لمشفى عسكرية لهم يعني فوتونا بها وإحنا أخذنا ويانا كل الباقين ميتين إلا أختي ولاء كانت أكو شيء يعني بعدهم يعني بعدهم عايشين, أخذناهم ويانا فاطمة ونور وآية أخدوهم الحبانية, بعدين لما وصلنا طبعاً بالطيارة نقلونا, فلما وصلنا الحبانية يعني جاءوا أخذونا وفوتونا بمشفى عسكري لهم, فوتونا بها وبعدين أخذوا داوو أختي وبقينا بس أنا وأختي وولاء ونور وآية بقينا يعني بقينا ملقوحين هم نور وآية كل واحدة وحدها وإحنا واقفين جنبهم وبعدين قالوا يعني ماتوا أخواتي الاثنين قالوا نور وآية ماتوا ورحنا إلهم شفنا أختي بعدها بعدين نقلوا أختي للبلد.
آلاء إبراهيم: أنا ما أدري يعني ماخذيني البلد ومسويلي هناك عملية يعني ما أدري من أخذوني إيمتى أخذوني وإيمتى فصحيت لقيت نفسي بس وحدي, يعني قبلها كانت يعني يمي ولاء وعليا أخواتي فإجا علينا مترجم عراقي قلت له أريد أخواتي قال أنتي جيتي بس وحدك أنا كنت وياك أخواتك ماكو، فبعدها ظليت ليلة هناك ببلد وثاني يوم جابونا للحبانية على أخواتي علياء وولاء والمصوبات جيت لقيتهم ميتين.

جاءنا مترجم عراقي قلت له أريد أخواتي فقال أنت جئت وحدك "أخواتك ماكو" بعدها بت ليلة هناك ببلد ولما جاءو بنا للحبانية إذا بأختاي علياء وولاء ميتتين
آلاء إبراهيم


باسم الجمل: في كبيسات كان الجميع يغني طرباً وأملاً في حياة جديدة لعروسين جديدين، وعند جسر الورار كان من تبقى من عائلة الحاج إبراهيم تندب حظها العاثر وتطلق إلى عنان السماء صرخة لطلب النجدة بعد تلك الحادثة الأولى.
آلاء إبراهيم: إسعاف هي يعني خالي كان مصوب إيديه اثنيناتهم ضربوه بإيده الاثنين فتصاوب خالي نزل صاح على الإسعاف فجوا هم وإحنا أختي ولاء نزلت وعلياء وأنا نزلت من السيارة فجوا همّ جروني وسحبوني وبعد ذلك إحنا ما ندري الباقي كلياتهم يعني ما شفت بس ماما، يعني ماما كانت يعني بالصدر هي اللي كانت قبالي مخها تطشر طبعاً من كثر الرمي ونزلت أنا وأختي ولاء قلت لهم ترى هذول أكو بهم نفس شوفوهم.
[فاصل إعلاني]
باسم الجمل: مستشفى الرمادي استقبلت جثث الأم وبناتها, وصدر تقرير طبي يقول إن القتيلات أصبن برصاص قاتل في الرأس, وأشار أيضاً إلى أن العيارات المستخدمة تابعة للقوات الأميركية.
اتصالات عدة قمنا بها لمعرفة رأي القوات الأميركية فيما حصل لم نحصل على جواب, فالأميركيون لا يريدون أن يفصحوا بشيء عن تلك الواقعة, ولكننا أصرينا إلا أن نسمع وجهة نظرهم لتكتمل الصورة بحثاً عن الحقيقة, وبالفعل تمكنا من الحصول على موعد من العقيد فرانغ باسكال الناطق باسم القيادة المركزية القوات الأميركية للتعليق على الحادث.





مـ
ـنـ
ـقـ
ــــو
ل

الذئب الشرس
11-28-2006, 05:32 AM
أسف أميركي لما حصل

العقيد فرانك باسكال (الناطق الرسمي للقيادة المركزية الأميركية): ما بحب أي صورة من هذا الفيديو يستعمل.
باسم الجمل: باسكال لم يوافق على التصوير وطالب بإيقافه مبرراً ذلك برغبته أولاً الإطلاع على الوثائق التي زودت بها الأسرة من قبل القوات الأميركية، قدمنا له الوثائق مع أشرطة مصورة سُجلت فيها تفاصيل الفاجعة, وغادر باسكال على وعد بالعودة ثانية للإجابة على تساؤلاتنا، بعد ثلاثة أيام جاء باسكال وهذه المرة مرتدياً زيه العسكري الرسمي حاملاً إجابات يعتقد أنها ستبرد لوعة من تبقى من الأسرة المغدورة.
العقيد فرانك باسكال (الناطق الرسمي للقيادة المركزية الأميركية): ما نعرفه هو أن سيارة مفخخة قد انفجرت عند نقطة تفتيش بالقرب من جسر الورار في الرمادي وكنتيجة لذلك زدنا عدد الرجال هناك لأغراض الأمن, ولسوء الحظ يبدو أنه كان هناك سوء فهم في إحدى نقاط التفتيش التي مرت من خلالها العائلة ما أدى إلى وقوع حادث مأساوي نتيجة إطلاق النار, أننا نأسف لذلك الحادث الذي وقع في عام 2005 لتلك العائلة، لدينا جميعاً عائلات ويمكن تصور الألم والمعاناة التي ألمت بتلك العائلة نتيجة ذاك الحادث, كان أمراً لطيفاً منك عندما سمحت لي بمشاهدة قسم من شهادة اثنتين من البنات اللتين نجتا من الحادث، أنه لأمر يبعث على الفخر أن تقدم هاتان البنتان على رواية الواقعة بموضوعية كما هي. أشكرك.




محمد: أرد عليهم اعتذاراتهم ولا أقبلها مطلقا

إبراهيم محمد: هم بنات بريئون ذهبوا إلى حفل زفاف خالهم لحضور عرس خالهم في مدينة كبيسة وحدث ما حدث, فليرى العالم كما أنني أرد عليهم اعتذاراتهم ولا أقبله مطلقاً, وإن كان اعتذارهم يرد لي عائلتي وهذا الشيء بإرادة الله سبحانه وتعالى وهذا من المعجزات ولا أقول إلا لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وإنا لله وإنا إليه راجعون.
العقيد فرانك باسكال (الناطق الرسمي للقيادة المركزية الأميركية): الحادثة لم تكن مقصودة من قبل القوات الأميركية إنها حادثة مأساوية, حتى أنه لأمر صعب مجرد الحديث عنها، لأنه لما تعرف عدد الذين فقدوا حياتهم بسببها والناس الذين تسببوا بها تتأكد كما هو الأمر مأساوي ومؤسف.
باسم الجمل: حملت الجثث لتغسل وتكفن بكفن العرس الأبيض الذي لم تحظَ به أي من الصبايا الراحلات بلا وداع, وتُحمل الجثث مرة أخرى وسط صراخ وعنين على أكف الرجال أهالي الرمادي بعرس جنائزي كبير شارك فيه المئات بل الغالبية من سكان هذه المدينة, وزُف الموكب إلى مقبرة الحمام حيث حُفرت القبور واستعدت لاستقبال عرائس أسرة ولّت وانتهت إلى مثواها الأخير.
الحاج إبراهيم استدعي من عمان ليبلغ بكلمات قليلة لكنها كانت كافية لكسر ظهره.
إبراهيم محمد: عند الخامسة مساءً اتصل بي ابن أختي من الرمادي فقال يجب عليك الحضور إلى الرمادي, فقلبي انتابني أنه قد حدث حدث لعائلتي فقلت لهم هل تعرضت سيارتهم لحادث؟ قال: إي نعم تعال، فسافرت الثلاثاء الساعة 12 بالليل أنا وابن أختي وابن أخي ظلال ابن أخي وضياء ابن أختي, فذهبنا الساعة 12 مساء يوم الثلاثاء فوصلنا إلى مدينة الرمادي تقريباً الساعة 9 أو الساعة 9 إلا 10 دقائق وأنا في شاري الحمام عند المقبرة فأتوا بالجنائز وإذا هي ثلاثة توابيت, أمهم في تابوت واثنان في كل تابوت, الأم سليمة وشيماء وإسراء ورجاء وفاطمة، فتوضأت وقمنا مع المشيعين بدفنهم في تلك المقبرة.
باسم الجمل: في مجلس عزاء أقيم للراحلات في مجلس الشيخ عبد الجليل في المدينة الرمادي حضر أهالي الرمادي ليشاركوا بهذه الفاجعة التي طحنت ضلوع الجميع، الحاج إبراهيم يحمد الله أنه ما زال يحظى ببعض أفراد أسرته لكنه لم يكن يعرف ما خبأه له القدر.
إبراهيم محمد: أخبروني بعدها أن المتبقين هم عند القوات الأميركية لغرض العلاج أنهم مصابين, فحمدت الله على أنهم قد بقى منهم شيء يذكرني بهم وبعشرتي عشرين عاماً قضيتها معهم.
باسم الجمل: في اليوم التالي من مأتم العزاء ذهب وفد من شيوخ عشائر الرمادي وعلماء الدين إلى القوات الأميركية يطالبونها بإطلاق سراح البنات الخمس فهن كن معتقلات في مستشفى أميركي.
الوفد استلم هناك جثتين نور وآية ومعهن مصابات ثلاث آلاء بربيعها السابع عشر وعلياء بربيعها الحادي عشر وولاء بربيعها السادس عشر مع وثيقة اعتذار قدمتها القوات الأميركية لعائلة الحاج إبراهيم وتشمل اعتذاراً رسمياً من الجيش الأميركي لما حدث, وأن القوات الأميركية راعت ما أسمته بالعقائد وعادات الديانات الإسلامية في الدفن.
الساعة العاشرة صباحاً ذهب أولاد خالي وبعض الأصدقاء وأخوتي إلى مقر القوات الأمريكية في مدينة الهضبة لاستلامهن، إلا أنني فوجئت باستلام جثتين هما آية ونور، والثلاثة الكبار وهن آلاء وولاء وعلياء رأيتهن في حالة يرثى لها والحمد لله رب العالمين الذي أعطاهن الصبر ومنحهن العافية ونحمد الله على كل حال
إبراهيم محمد


تقارير طبية صدرت من قبل القوات الأميركية تشير إلى أن آية ونور قد قضين بطلق ناري في الرأس, ووثائق أخرى تسمح لهم بالمرور عند نقاط تفتيش.
إبراهيم محمد: يوم 16 الساعة العاشرة صباحاً ذهب أولاد خالي وبعض الأصدقاء وأخوتي إلى مقر القوات الأميركية في مدينة الهضبة لاستلامهم, إلا أنني فوجئت باستلام جثتين جثتين وهما آية ونور, والثلاثة الكبار هم آلاء وولاء وعلياء لكن رأيتهم في حالة يرثى لها والحمد لله رب العالمين الذي أعطاهم الصبر ومنحهم العافية ونحمد الله على كل حال.
باسم الجمل: في هذه الأثناء كان القرآن الكريم يرتل في مسجد الشيخ عبد الجليد مخبراً بعمق الفاجعة في اليوم الثالث أمام بيت الله حيث كان يقام مجلس العزاء لم يسلم من رصاص الجيش الأميركي الذي اعتقل أكثر من عشرين شخصاً آنذاك.
إبراهيم محمد: مداهمة العزاء كأنه انتقاماً لكلام الشيخ عندما ذهب إلى مقرهم وطالبهم بإطلاق سراح بناتي المتبقين في اليوم الثاني أي يوم 16 كان يوم الخميس صباحاً.. عصراً الخميس عصراً داهمتنا القوات الأميركية بالقنابل الصوتية وبالرصاص الحي والدويات والشيء المفزع والمخيف والذي لا معنى له إلا إبراز الاستهتار والغطرسة والعنجهية الأميركية الفاسدة.
باسم الجمل: مأساة هذه العائلة تظل تحفر في عمق الوجع العراقي, فاطمة قضت على الفور برصاص القوات الأميركية مع كلمة go وأبت توأمها آية إلا أن تلحق بها بعد يوم في مستشفى الجيش الأميركي وهي تنزف من د ماء أطفال العراق وكأنها تريد أن تصرخ بدمها القاني: "أختاه خذيني معك إلى الفردوس"، لتدفن الشقيقتين بجوار من رحلن في مقبرة الرمادي, ويرحل الحاج إبراهيم عن مدينته محملاً بأثقال الموت وأحزان أسرته التي فقدها في غمضة عين.
go كلمة بسيطة نتيجتها وقوع فاجعة إنسانية ستبقى محفورة في وجدان العراقيين تضاف إلى عشرات بل مئات القصص المأساوية التي عاشها العراق على مدى السنين الماضية.